أفادت صحيفة العربي الجديد الممولة من قطر بأن المواطن في الشرق والجنوب الليبيين، لم يعد قادراً على تقرير مصيره، بل بات أسيراً لسلطة عسكرية مطلقة تفرضها قيادة خليفة حفتر، فتفاصيل الحياة اليومية تُدار بمنطق القوة لا بمنطق المؤسسات.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها، أنه حتى الأصوات التي كانت تتحدث عن السجون السرية أو القتل خارج القانون ومختلف صور انتهاكات حفتر، خفتت أو أُسكتت.
وأضافت أن السياسة تحت سلطة حفتر تحولت إلى دائرة مغلقة رفعت فيها منذ البداية شعارات سياسية زائفة، بدأت بـ”محاربة الإرهاب” وانتهت بـ”حماية الاستقرار”، فيما المواطن محاصر بين خيارين لا ثالث لهما: الولاء أو الصمت.
وتابع: أما الاقتصاد فهو أداة لتثبيت السلطة والنفوذ، خصوصاً النفط والغاز. حتى مشاريع الإنماء والإعمار التي يعلن عنها حفتر وأبناؤه لا تتعدى واجهات سياسية، إذ لم يرَ منها المواطن سوى وعود معلقة، وما يصل إليه في النهاية مجرد فتات، تحدده جغرافيا قرب مدينته من مركز القوة.
وعلى الصعيد الاجتماعي، فقد تحول دور القبيلة من سلطة مؤثرة إلى أداة لتعزيز الحكم العسكري، وانتهى حال المواطنين بين من يلتزم الصمت طلباً للسلامة، ومن يُهجر قسراً أو يختار الهجرة بحثاً عن أفق مختلف، وفقا للتقرير.
كما أكد أن واقع المواطن في غرب ليبيا، حيث المليشيات وفساد السلطة، ليس أفضل حالاً، بل إن تجربة الشرق والجنوب تكشف بوضوح ما يحدث حين تُشل إرادة الإنسان تماماً، فلا يملك سوى الانقياد. وحين تحل القوة محل الحرية تُقمع المبادرات وتُجهض الأحلام، وتصبح الطاعة قدراً مفروضاً لا خياراً ذاتياً.
والأخطر، وفقا للصحيفة، أن المجتمع الدولي نفسه يكرس هذا الواقع، فلقاءات المسؤولين الأمميين مع حفتر، بل وحتى مع أبنائه الذين عُيّنوا أخيراً في مواقع قيادية تمنحه عملياً شرعية للاستمرار في نهجه.
وأشار التقرير إلى تناقض فاضح؛ فالخطاب الدولي يرفع راية الحقوق والحريات وعدم الإفلات من العقاب، ويغض الطرف في الوقت نفسه عن سلطة تحكم بالسلاح وتفرض إرادتها على مجتمع بأكمله.
وبين أن هذه الازدواجية تتجلى أكثر في إعلان البعثة الأممية نيتها إطلاق ما سمته “الحوار المهيكل”، الذي يُفترض أن يشرك مختلف أطياف المجتمع، كما تزعم البعثة، غير أن الواقع يعكس بعداً جديداً من أبعاد الزيف، أكثر منه محاولة جدية لمعالجة الأزمة أو حماية المواطن من سلطة مطلقة تعيد إنتاج الهيمنة بدل تفكيكها.


