سلط تقرير نشرته صحيفة نون بوست، على حجم تهريب شاحنات أسلحة عسكرية روسية ومرتزقة روس إلى ليبيا، مؤكدين أنه لأول مرة يُصدِر فيها الروس معدّات عسكريّة بهذه الطريقة الضخمة والاستفزازية.
وفقا للتقرير، أكد جلال حرشاوي، المتخصص في الشأن الليبي والمشارك في “المعهد الملكي للخدمات المتحدة“، أن روسيا تشارك في تسليم الأسلحة الثقيلة إلى ليبيا، وتقوم الآن بنشر منظمتها العسكرية الجديدة في القارة، الفيلق الأفريقي، وقد حل رجالها محل مجموعة “فاغنر” في ليبيا، ويستقرون الآن في دول حدودية مثل النيجر.
وأكد التقرير، أنه في يوم الأحد 14 أبريل 2024، كان الجنود الروس في طبرق يتصرّفون بغرابة، وظهرت حوالي عشر شاحنات عسكرية من طراز “كاماز” تتقدم على طول الرصيف باتجاه مستودعات ميناء المدينة، وهي تحمل حمولات مغطاة بأغطية خضراء كبيرة.
وأضاف التقرير: “لا تزال الشكوك قليلة حول طبيعة العناصر المنقولة التي تظهر أيضًا في الفيديو، كما أن مظهر وأبعاد العربات المغطاة يوحي بوجود قذائف هاون ثقيلة، وتوثّق عملية “التسليم الخامسة للمعدات العسكرية إلى طبرق خلال خمسة وأربعين يوما”، وقد لوحظ التسليم النهائي من خلال صور الأقمار الصناعية مفتوحة المصدر في 20 أبريل تقريبًا، دون تسريب أي صور إلى مواقع التواصل الاجتماعي هذه المرة”.
وزاد دعم موسكو للمواطن الأمريكي خليفة حفتر، لفرض سطوته على شرق البلاد في مواجهة حكومة الدبيبة، مع ذلك، حسب جلال حرشاوي، فإن هذه المرة الأولى التي يصدِر فيها الروس معدّات عسكريّة بهذه الطريقة الضخمة والاستفزازية.
وأكد، أن هذا الاستفزاز مهم لأن عمليات التسليم هذه تنتهك بشكل مباشر حظر الأسلحة الذي وافقت عليه الأمم المتحدة في سنة 2011، وفي مارس 2021، وصفه فريق خبراء الأمم المتحدة المعني بليبيا بأنه “غير فعّال على الإطلاق”. وحسب الحرشاوي، يمكن اعتبار ليبيا الآن “مساحةً لمنصة حقيقية ومركزًا لتهريب الأسلحة”.
في السنوات الأخيرة، زاد المجتمع الدولي من جهوده لتطبيق حظر الأسلحة، وفي مارس 2020، أطلق الاتحاد الأوروبي عملية “إيريني” وسط البحر الأبيض المتوسط.
ويوضّح الأميرال الفرنسي ومساعد رئيس الأركان غيوم فونتارينسكي أن هناك 23 دولة من أصل 27 دولة عضو تساهم في هذه العملية.
وشدد التقرير، على أن السفن المنتشرة تقوم بدوريات بين صقلية وكريت قبالة الساحل الليبي يتم إرشادها من المقر الرئيسي لعملية إيريني في قاعدة للجيش الإيطالي في روما.
ويؤكد الأدميرال غيوم فونتارينسكي “هنا، لدينا باستمرار جنود يراقبون تطور الوضع، ويتصرفون عند الضرورة”، باستخدام المصادر المفتوحة والوسائل التقنية الخاصة بهم، يراقبون البحر بحثا عن سفن الشحن المشبوهة.
هناك صعوبة أخرى تتمثل في انتشار الجهات الخارجية التي تسعى إلى إرسال أسلحة إلى ليبيا، بالنسبة لعمليات الاعتراض في سنة 2022، تم تحويل مسار السفينة الأولى بعد عبور قناة السويس، بينما تم تحديد هوية السفينة الثانية قبل بضعة أشهر لأنها سلّمت مدرعات خفيفة مصنّعة في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى بنغازي.
ويعترف الأدميرال فونتارينسكي بأنه “من الواضح أن البلاد معرضة لتأثيرات متعددة، تولد نوعا من عدم الاستقرار”، ولا تتردد بعض الدول مثل تركيا، ومؤخرًا روسيا، في مرافقة بعض الشحنات المتّجهة إلى ليبيا بسفن حربية، كإجراء ردعي.
وتكشف عملية تسليم المعدات الروسية إلى طبرق أيضًا مدى أهمية الميناء الليبي الشرقي ذو المياه العميقة بالنسبة للكرملين.
وأشار الباحث إلى أنه بمجرد وصول هذه الأسلحة إلى ليبيا، فإنها تغذي الطلب المحلي أولًا، ورغم انتهاء الحرب بين الشرق والغرب في أكتوبر 2020، إلا أن السيطرة على المنطقة لا تزال مجزّأة بين العديد من الجماعات المسلحة.
وأوضح جلال حرشاوي أنه “في ليبيا، تتكون الدولة من ميليشيات، وهي الأجهزة الوحيدة التي تمارس قوتها”، ووفقًا له، فإن محو “الجهات الفاعلة الأيديولوجية البحتة” مثل الجماعات الجهادية كان لصالح الميليشيات التي لديها “موهبةٌ في فهم منطق المال” من خلال ربط ولايتها شبه العسكرية بالأنشطة الإجرامية.
وفي هذا السياق، يتناول تقرير نشرته مؤسسة “مسح الأسلحة الصغيرة” في مارس 2024، على سبيل المثال، حالة مدينة الزاوية الساحلية، ومن بين الميليشيات الأربع الموجودة في الزاوية، هناك “ثلاث منها متورطة بعمق في الاقتصاد غير المشروع”. وفي هذا الإطار، لم يتم فرض أي قيود تذكر على تبادل الأسلحة النارية داخل ليبيا.