سلطت صحيفة فورمتشي الإيطالية الضوء على جريمة اغتيال المدونة الخنساء مجاهد زوجة معاذ المنفوخ عضو ملتقى الحوار السياسي السابق، في منطقة السراج بالعاصمة طرابلس.
وأشارت الصحيفة في تقرير لها، إلى تصاعد حد التوترات في طرابلس والزاوية عقب الواقعة الغامضة، لا سيما أن الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر مشهد الكمين: السيارة ومحركها لا يزال يعمل، والجثة ملقاةٌ على الأسفلت، والحشدُ حولها في حالةٍ من الذعر.
ووفقًا لشهود عيانٍ في مكان الحادث، حاولت خنساء الفرار بالخروج من السيارة، لكنها أُصيبت بعدة طلقات نارية، حيث أثار الهجوم، الذي نُفّذ في وضح النهار، صدمةً وغضبًا في العاصمة، مُحطّمًا صورةَ الاستقرار والوضع الطبيعي التي تُحاول حكومة الدبيبة الترويج لها.
استنفار الميليشيات وإنذارٌ للحكومة
سرعان ما أشعل الخبرُ غضبَ مدينة الزاوية، حيث اتهمت عدةُ جماعاتٍ مسلحةٍ فصائلَ منافسةً – دون تسميتها صراحةً – بالمسؤولية عن الجريمة، وتحركت أرتالٌ مدججةٌ بالسلاح نحو المدخل الغربي لطرابلس، وتحديدًا في منطقة جسر الغيران.
وأصدر ما يسمى بلواء الدعم الأول في الزاوية بإمرة محمد بحرون الفار، سلسلةً من التصريحات القاسية: أمام الحكومة 72 ساعةً لتحديد المسؤولين ومعاقبتهم، وإلا فإن اللواء “سيطبق القانون بالقوة”.
وقُتلت زوجة المنفوخ، العضو في لجنة الحوار السياسي والشخصية المعروفة في مدينة الزاوية، في المنطقة الخاضعة لسيطرة جهاز الأمن العام، برئاسة عبد الله الطرابلسي “الفراولة”، شقيق وزير الداخلية عماد الطرابلسي.
وأضاف التقرير، أنه في ظل غياب أي إعلان رسمي للمسؤولية، تتزايد فرضيات التحقيق؛ حيث تشير أصابع الاتهام إلى “الفار”، ويقال إنه كان يقود مجموعة السيارات التي طاردت الضحية من حيه إلى موقع الهجوم.
ولا تزال هوية المهاجمين والسيارة المستخدمة في الهجوم مجهولة، بينما لم تُصدر وزارة الداخلية أي بيان رسمي حول الحادث، باستثناء الأمر بفتح تحقيق.
ورغم نفي كتيبة الزاوية أي تورط مباشر، إلا أنها ردت بقوة: إذ أدانت الهجوم، وحمّلت المسؤولية السياسية لعبد الحميد الدبيبة ووزير الداخلية الطرابلسي، متهمةً إياهما بالسماح بتدهور الأمن في العاصمة.
وفي مواجهة موجة غضب شعبي وخطر اندلاع اشتباكات جديدة، أفادت التقارير بأن الدبيبة يدرس إصدار مرسوم بإيقاف الطرابلسي نفسه عن العمل.
التداعيات الجيوسياسية
يأتي اغتيال الخنساء مجاهد في وقتٍ تقترب فيه الزاوية بشكلٍ واضح من شرق ليبيا وحكومة حماد؛ فقبل أيامٍ قليلة، استقبل خليفة حفتر وفدًا من وجهاء المدينة في مقره ببنغازي، مشيدًا بدورها الاستراتيجي وحثّهم على “تغليب المصلحة الوطنية على كل اعتبار”.
وفي غضون ذلك، وافقت حكومة أسامة حماد على بناء مطار تجاري جديد في الزاوية، في دلالةٍ واضحة على مغازلة سياسية تهدف إلى ترسيخ مكانة أكثر مدن إقليم طرابلس اضطرابًا.
ويُعزز هذا التحول السياسي والاقتصادي الشكوك في أن غرب البلاد قد ينزلق تدريجيًا نحو فلك بنغازي، مما يُهدد التوازن الذي تقوم عليه حكومة الدبيبة.


