قال المحلل السياسي خالد بوزعكوك، إن أهم العوامل التي جعلت من ليبيا بيئة خصبة للجماعات الإرهابية هو هشاشة الوضع الأمني في عموم البلاد مع انتشار السلاح وتغوّل الميليشيات المسلحة القبلية، خاصة في غرب البلاد.

وأضاف بوزعكوك في تصريحات نقلتها صحيفة الأيام نيوز الجزائرية، أن الازدواجية ووجود حكومتين أدى إلى تضارب في القرارات وتنازع في الاختصاصات، ما جعل مراقبة الحدود والمنافذ الحيوية شبه مستحيلة.

وأوضح أنه بسبب الانقسام، تحولت بعض المناطق الحدودية إلى نقاط عبور حرة لعناصر مسلحة وشبكات تهريب عابرة للحدود.

وتابع قائلا: في ظل غياب التنسيق بين الشرق والغرب، أصبحت ليبيا كيانا أمنيا مجزأ تتحرك داخله قوى متعارضة المصالح والولاءات، ما يزيد من هشاشة الموقف العام.

وأفاد بأن الصراع المسلح وعدم الاستقرار السياسي في الدول المحاذية، إضافة إلى الطبيعة الجغرافية الصعبة واتساع حجم الحدود، كلها عوامل ساعدت الجماعات الإرهابية على التمدد في مناطق الساحل والصحراء.

وأكد بوزعكوك أن هشاشة التنمية وتراجع الخدمات في تلك المناطق جعلت بعض العشائر تتعاون مع المتطرفين بدافع المصلحة الاقتصادية أو الانتماء القبلي.

وتبدو الحاجة اليوم ملحّة إلى إعادة هندسة المنظومة الأمنية من جذورها، وفق ما يؤكد بوزعكوك، عبر بناء مؤسسات موحدة قادرة على مراقبة الحدود وفرض السيادة، بالتوازي مع إصلاح سياسي يضع حدا للازدواجية في الحكم ويفتح الطريق نحو بناء دولة القانون والمؤسسات.

وفي السياق، رأى مراقبون أن تفكك المنظومة الأمنية الليبية لم يكن نتيجة الصراع الداخلي فقط، بل أيضا لغياب الدعم الدولي الفعّال.

فبرغم تعدد المبادرات السياسية، لم تنجح أيٌّ منها في إعادة بناء مؤسسة عسكرية موحدة قادرة على فرض السيادة، ما أفسح المجال أمام التنظيمات الإرهابية لإعادة التموضع.

ولا تزال ليبيا تعيش على وقع أزمات أمنية وسياسية متشابكة، جعلت منها ساحة مفتوحة لتقاطع مصالح داخلية وخارجية.

فبين انقسام السلطة وتعدد مراكز القرار، تواصل الميليشيات المسلحة فرض نفوذها على الأرض، ما جعل المشهد العام عرضة لانفجارات متكررة تهدد الاستقرار الهش.

وفي ظل هذه الفوضى، عاد الحديث مجددا عن احتمال عودة التنظيمات الإرهابية إلى الساحة الليبية، وعلى رأسها تنظيم “القاعدة”، الذي سبق أن نفّذ هجمات دامية في البلاد خلال العقد الماضي.

Shares: