سلطت صحيفة العرب اللندنية الضوء على التدخلات الخارجية في الشأن الليبي، مشيرة إلى القلق الأوروبي من النفوذ الروسي في ليبيا، ما يدفع حراس القارة العجوز إلى التفاوض مع خليفة حفتر.

وأوضحت الصحيفة في تقرير لها، أنه مع تصاعد التدخل الروسي، تزايدت مخاوف الاتحاد الأوروبي من تمدد موسكو على حدود جنوب المتوسط، الأمر الذي يمسّ الأمن الأوروبي بشكل مباشر لاسيما في ما يتعلق بملف الهجرة، لذلك بات التوجه حتميا بالنسبة لبروكسل نحو الشرق وفتح قنوات التواصل مع حفتر.

وأضافت أن أوروبا تخشى من تحوّل ليبيا إلى نقطة ارتكاز لموسكو في جنوب المتوسط، مع قلق متزايد من فقدان السيطرة على المجال الحيوي الأوروبي. ولتجاوز هذا التحدي، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى تبني سياسة موحدة وفعالة تجمع بين الدبلوماسية والأمن والتنمية في ليبيا.

وتعكس هذه المخاوف تحوّل ليبيا إلى نقطة صراع على النفوذ بين القوى الكبرى، وتبرز فيها روسيا كطرف فاعل يسعى لتعزيز موقعه في شمال أفريقيا. حيث تسعى روسيا لتأمين نفوذ استراتيجي في الهلال النفطي الليبي وعلى السواحل الغربية والشرقية، ما يمنحها قدرة على التأثير في سوق الطاقة الأوروبية، وفقا للتقرير.

وذكر أن بعض الدول الأوروبية تعتبر أن النفوذ الروسي يُعقّد المسار السياسي المدعوم من الأمم المتحدة، ويعزز الانقسام بين الشرق والغرب. وأي زعزعة إضافية في استقرار ليبيا قد تؤدي إلى موجات جديدة من المهاجرين غير النظاميين نحو أوروبا، وتمنح الجماعات الإرهابية مساحة جديدة للانتشار، وهو ما يثير قلقًا أمنيًا أوروبيًا كبيرًا.

ورأت الصحيفة أن المخاوف الأوروبية تتركز حول النفوذ الروسي، ومحاولة بوتين استغلال أزمة الهجرة من ليبيا كما فعل في شرق أوروبا، حيث شن ما وصفه مسؤولو الاتحاد الأوروبي بـ”حرب هجينة على الكتلة تتضمن تسليح الهجرة”.

وأشارت إلى تصريحات مفوض الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية والهجرة، ماغنوس برونر بشأن مصير المحادثات مع السلطات في شرق ليبيا، التي أكد فيها وجود قنوات اتصال قائمة بالفعل على المستوى التقني مع ممثلي حفتر، وتعمل بشكل جيد للغاية، على حد تعبيره.

وتابع قائلا في تصريحات صحفية: القلق بشأن النفوذ الروسي في ليبيا لم يترك خيارا أمام أوروبا سوى التفاوض مع حفتر، وطرح خياراتنا على الطاولة في ما يتصل بدبلوماسية الهجرة. قد يستلزم ذلك ربط المحادثات بشأن الهجرة بقضايا، مثل مساعدات التنمية أو تسهيل حصول الليبيين على تأشيرات أوروبية.

وأفاد التقرير بأن تصريحات برونر، تشير إلى نية الاتحاد الأوروبي استئناف المحادثات مع حفتر، على الرغم من تحفظات لدى القادة الأوروبيين بشأن كيفية التعامل معه.

وتأتي تصريحات برونر بعد أيام من أزمة دبلوماسية نتجت عن طرد برونر على رأس وفد أوروبي من مدينة بنغازي، وإعلان حكومة البرلمان برئاسة أسامة حماد، المسؤول الأوروبي شخصا غير مرغوب به.

وفي حين انخفضت عمليات العبور غير النظامية إلى الاتحاد الأوروبي 20 في المئة في النصف الأول من العام 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، ازدادت أعداد الوافدين عبر طريق وسط البحر المتوسط من شمال أفريقيا، مما جعل هذا المسار هو الأكثر ازدحاما على الإطلاق، حيث مثّل 39 في المئة من إجمالي الوافدين غير النظاميين.

ومن المقرر أن يناقش وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي، في قمة غير رسمية الثلاثاء بكوبنهاغن، أزمة الهجرة غير القانونية من ليبيا وكيفية إدارتها. وتظل ليبيا مثار قلق، خاصة بالنسبة إلى دول الاتحاد الأوروبي، مع وجود أكثر من 600 ألف مهاجر داخل البلاد، بحسب بيانات مفوضية الأمم المتحدة للهجرة.

Shares: