أفاد البنك الدولي بانكماش الاقتصاد الليبي بنسبة 0.6%، مدفوعا في المقام الأول بانخفاض إجمالي الناتج المحلي النفطي بنسبة 6%، متأثرا بالاضطرابات السياسية والمؤسسية الناجمة عن أزمة مصرف ليبيا المركزي في أغسطس الماضي.

وأشار أحدث تقرير من المرصد الاقتصادي لليبيا الصادر عن البنك الدولي، أمس الإثنين، إلى حاجة الاقتصاد الليبي، المعتمد على قطاع النفط بشكل شبه كامل، إلى إصلاحات هيكلية من أجل تعزيز القطاعات غير النفطية.

كما أكد على ضرورة الحد من تقلبات المحروقات، مع معالجة عدم الاستقرار السياسي وتحسين الحوكمة، لافتا الانتباه إلى التحدي الرئيسي في الأمد المتوسط وهو تنويع الاقتصاد.

فيما توقع التقرير حدوث انتعاشة للاقتصاد الليبي في عام 2025، نتيجة التوسع في أنشطة قطاع النفط، مرجحا أن يبلغ متوسط إنتاج النفط 1.3 مليون برميل يوميا، متجاوزا متوسطه التاريخي على مدى عشر سنوات، ويزيد بنسبة 17.4% عن عام 2024.

أما نمو إجمالي الناتج المحلي، من المنتظر أن يستقر عند نسبة 12.3%، وأن يظل نمو إجمالي الناتج المحلي غير النفطي عند حوالي 5.7%، مدعوما بالاستهلاك والصادرات، لكن من المتوقع أن يتباطأ إلى 4% في المدى المتوسط.

غير أن البنك الدولي أبدى قلقه نظرا لحالة عدم اليقين التي تخيم على توقعات المستقبل، في حين أن زيادة الاستقرار السياسي ستكون لها منافع كبيرة على الاقتصاد والشعب الليبي. وفي الوقت نفسه، تعتمد أسعار الطاقة على آفاق النمو العالمي ومستويات إنتاج “أوبك بلس” في المستقبل.

من جهته، قال المدير الإقليمي لدائرة المغرب العربي ومالطا بالبنك الدولي أحمدو مصطفى ندياي: تسير ليبيا على طريق التحسن الاقتصادي، ومن شأن تحقيق توافق سياسي حول إدارة الثروة النفطية للبلاد بشكل يتسم بالشفافية والكفاءة، أن يسهم إسهاما كبيرا في تحقيق الاستقرار في البلاد وتعزيز رفاهية مواطنيها.

وأضاف: وعلى الأمد المتوسط، يظل التحدي الاقتصادي الرئيسي هو تنويع الاقتصاد والحد من الاعتماد على المحروقات من خلال تعزيز النمو الذي يقوده القطاع الخاص وخلق فرص العمل.

كما تضمن تقرير مرصد الاقتصاد الليبي محورا حول إعادة تعريف دور المؤسسات المملوكة للدولة في ليبيا، والذي يستكشف شبكة واسعة تضم حوالي 190 مؤسسة مملوكة للدولة في مختلف القطاعات الاستراتيجية، بما في ذلك النفط والمالية والمرافق.

وفي ظل محدودية البيانات المتاحة، يلفت التحليل الانتباه إلى التحديات الكبيرة التي تواجه المالية العامة، وأوجه القصور، واختلالات السوق المرتبطة بانتشار المؤسسات المملوكة للدولة في جميع أنحاء ليبيا.

وأبرز هذه التحديات بشكل خاص في قطاعات مثل البنية التحتية والقطاع المصرفي، التي تتسم باستمرار الخسائر وتضخم عدد الموظفين. وتؤدي هيمنة الدولة هذه إلى تهميش القطاع الخاص، وإعاقة الابتكار، والحدّ من المنافسة، مما يجعل الاقتصاد في البلاد يعتمد اعتمادا كبيرا على المحروقات.

وأوصى البنك الدولي بتعزيز رقابة الدولة، وتحرير القطاعات التنافسية، وتشجيع الاستثمار الخاص من خلال أطر العمل التي تجمع بين القطاعين العام والخاص، ما يمكن من إعادة وضع الدولة كجهة تنظيمية لتشجيع النمو وتنويع النشاط الاقتصادي بقيادة القطاع الخاص.

Shares: