أكدت وحدة الدراسات والأبحاث بالمركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، تعاظم النفوذ الروسي العسكري في جنوب وشرق البلاد، بما قاد لزيادة حدة الصراع الدولي وجذب اهتمام الولايات المتحدة ومن خلفه الأوربيين بالملف الليبي.

وأفادت في تقرير لها، بأن خسارة روسيا لحليفها السوري بشار الأسد، وما قد يترتب عليه من احتمالية مرجحة وطبيعية لخسارة نفوذها العسكري في سوريا، من المرجح أن ينعكس على الملف الليبي من عدة سيناريوهات.

السيناريو الأول، من المرجح أن تستميت روسيا في الدفاع عن نفوذها العسكري في شرق ليبيا وعن تحالفها مع خليفة حفتر، لأنه لم يعد أمام روسيا غير ليبيا، لتضمن منفذاً على المياه الدافئة في شرق المتوسط.

ويمكن إدراك طبيعة تحركات الطائرات الروسية ما بين اللاذقية وبنغازي وكذلك القوات التابعة لبشار والتي فرت إلى ليبيا، فعلى الأرجح قد يكون هناك عملية نقل معدات وأسلحة وجنود من قواعدها في سوريا إلى ليبيا.

وإذا شعرت روسيا بتهديد أيضا لنفوذها في شرق ليبيا، قد يصل بها الأمر لدعم ودفع حفتر، مستغلة طبيعة الفترة الانتقالية في الولايات المتحدة حالياً، لإطلاق عملية عسكرية جديدة للسيطرة على العاصمة وهزيمة حلفاء تركيا في ليبيا.

السيناريو الثاني، انتصار الثوار في سوريا وسقوط الأسد ليس انتصاراً محلياً فقط، بل هو أيضا انتصاراً إقليمياً لتركيا وتعزيزاً لنفوذها الإقليمي عبر ضمان حليف لها في دمشق.

وبحسبة توازنات القوى في الإقليم، فإن هناك العديد من الأطراف الإقليمية والدولية التي لن تسمح لتركيا كحد أدنى أن تنتصر أيضا في ليبيا وتحسم مسألة النفوذ فيها بشكل كامل بما في ذلك شرق البلاد.

السيناريو الثالث، مع خسارة روسيا لنفوذها في سوريا، قد تجد الولايات المتحدة في ذلك فرصة لمزيد من الضغط على روسيا في منطقة الشرق الأوسط عبر البوابة الليبية، لإضعاف نفوذها في ليبيا وتشتيت جهودها ما بين ليبيا وأوكرانيا.

ورأى المركز أن الولايات المتحدة تقف أمام نهجين؛ الأول محاولة ثني حفتر عن تحالفه المتنامي مع الروس، لذلك تتزايد الزيارات الأمريكية لشرق ليبيا ولقاء حفتر وأبناءه.

والنهج الثاني احتمالية إشغال روسيا في ليبيا عبر إشعال حرب داخلية من جديد بين شرق وغرب البلاد. أي أن الولايات المتحدة وفقاً لهذا التحليل، هي التي قد تدفع نحو خيار الحرب وليس روسيا.

السيناريو الرابع، بعد وصول ترامب للبيت الأبيض، هناك احتمالية لعقده صفقة، كعادته في التعامل مع ملفات السياسة الخارجية، قد يكون مضمونها هو الربط والمقايضة بين وقف الحرب الأوكرانية مقابل الاعتراف بالنفوذ الروسي في ليبيا، بل وقد يعطي ترامب الضوء الأخضر لحفتر للسيطرة على طرابلس بدعم روسي.

وخلص التقرير إلى أنه يمكن القول بأن الساحة الليبية قد تكون الآن مهيأة محلياً وإقليمياً ودولياً أكثر من أي وقت مضى لاندلاع حرب جديدة بين شرق وغرب البلاد عن طريق عدة محفزات مختلفة؛ فالصراع والتوتر بين المؤسسات الرسمية على أشده.

كما أن خسارة روسيا نفوذها في سوريا سيجعلها أكثر تمسكاً بنفوذها في ليبيا، بل وقد تسعى لتعزيز وتوسيع هذا النفوذ نحو العاصمة، لتعويض خسارتها في سوريا وتأمين موطأ قدمها الوحيد في المياه الدافئة. وتزامن ذلك مع نهاية فترة بايدن وبداية حكم ترامب، واحتمالية تصعيدهما للتوتر في ليبيا.

وأخيراً إخلال تركيا بموازين القوى الإقليمية بعد انتصار حلفائها في سوريا، بما قد يدفع بعض الأطراف لإضعاف نفوذها في ليبيا، لضبط موازين القوى في منطقة الشرق الأوسط، وهو لن يحدث بدون حرب داخلية جديدة.

لكن ذلك لا يعني أن الحرب حتمية، فهناك احتمالية لتجنبها، خاصةً وأن هناك عدة عوامل خارجية قد تعوق اندلاعها؛ كرغبة الأوروبيين في استقرار ليبيا، والتهدئة الحاصلة بين الفاعلين الإقليميين في الشرق الأوسط، بالأخص مصر وتركيا.

وطالب المركز الفرقاء الليبيين بإدراك طبيعة التغيرات الجيوسياسية في المنطقة والعالم ودوافع القوى الإقليمية والدولية الحقيقية، وعدم الانخداع والانجرار خلف أي محفزات دولية أو إقليمية نحو الحرب.

Shares: