يرى المحلل السياسي والخبير الاستراتيجي محمد الحمروني، أن أصل الخلاف على ملف ترسيم الحدود التونسية الليبية يكمن في الحدود البحرية وهو صراع خفي يعود إلى عقود.
وقال الحمروني في تصريحات لقناة الحرة الأمريكية، إن هذا الصراع تضاعف في الأربعة عشر سنة المنقضية جراء ما اعتبرها ممارسات ميليشيات مسلحة ليبية تفتك مراكب صيد البحارة التونسيين واحتجازهم.
وأضاف أنه فضلا عن التجاوزات في مجال الصيد البحري فإن الجانب الليبي قد أخل بالاتفاق المتعلق بالجرف القاري الذي يضم حقل البوري النفطي، وهو اتفاق يعود إلى عهد الرئيسين الراحلين الحبيب بورقيبة ومعمر القذافي مطلع الثمانينات.
ويتوقع أن تعيد تونس إثارة هذه القضية من جديد أمام المحكمة الدولية ليكون النزاع قانونيا، مشددا على أن العرف الدبلوماسي التونسي لا يعترف بالقوة والعنف، بل بسلطة القانون.
وأشار المحلل السياسي إلى وجود ضغوط داخلية في تونس بالاحتكام إلى القضاء الدولي لإعادة ترسيم الحدود التونسية الليبية.
من جهتها، أعلنت وزارة الخارجية في حكومة الدبيبة، أمس الخميس، أن ملف ترسيم الحدود الليبية التونسية قد أغلق بشكل كامل منذ أكثر من عقد من الزمن، في خطوة جاءت ردّا على تصريحات سابقة لوزير الدفاع التونسي بأن بلاده تعمل مع ليبيا على رسم الحدود بينهما في إطار لجنة مشتركة.
وشددت الخارجية، في بيان لها، على أن ملف ترسيم الحدود الليبية-التونسية قد أغلق بشكل كامل منذ أكثر من عقد من الزمن، من خلال لجنة مشتركة بين البلدين، وأصبح منذ ذلك الحين ملفا مستقرا وثابتا وغير مطروح للنقاش أو إعادة النظر.
وتأتي هذه الخطوة، بعد يومين من تصريح لوزير الدفاع التونسي خالد السهيلي أمام البرلمان التونسي تحدث فيه عن استغلال الأراضي الواقعة على الحاجز الحدودي بين ليبيا وتونس، قائلا إن تونس لم ولن تسمح بالتفريط في أي شبر من الوطن.
ويعود أصل التوتر بين تونس وليبيا بشأن ترسيم الحدود بينهما إلى حقبة الاستعمار الفرنسي والإيطالي في شمال إفريقيا، فخلال تلك الفترة، وقّعت السلطات الاستعمارية اتفاقيات لترسيم الحدود بين تونس، التي كانت تحت الحماية الفرنسية، وليبيا، التي كانت تحت الحكم الإيطالي.
وتم تحديد الحدود بشكل رسمي في عام 1910، لكن بعض المناطق الصحراوية الوعرة ظلت مثار جدل لعدم وضوح الترسيم في بعض الأجزاء البعيدة عن المراكز الحضرية.
وبعد استقلال تونس في عام 1956 وليبيا في 1951، طُرحت مسألة إعادة النظر في الحدود بسبب الاكتشافات النفطية في الصحراء الكبرى، مما زاد من الأهمية الاستراتيجية لهذه المناطق الحدودية.
ورغم أن البلدين وقّعا عدة اتفاقيات لضبط الحدود والتعاون الأمني، إلا أن الوضع الأمني غير المستقر في ليبيا بعد 2011 زاد من تعقيد الأمور.
وتطورت التحديات الحدودية لتشمل مسائل السيادة والأمن، وتهريب السلع والبشر، ما دفع سلطات البلدين لإغلاق المعابر بينهما وفتحها مرارا.