قال المحلل السياسي حسام الفنيش، إن فرنسا تسعى، في ظل الحراك السياسي المكثف على الساحة الليبية، إلى إعادة ترميم نفوذها الذي تراجع خلال السنوات الماضية.
وأضاف الفنيش في تصريحات نقلها موقع إرم نيوز الإماراتي، أن فرص فرنسا تظل محدودة بفعل تعقيد المشهد الليبي وتعدد الفاعلين المحليين والدوليين.
وأوضح أن باريس تعتمد حاليًا على مزيج من الأدوات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية، مع الإبقاء على خيار أمني محدود وغير مباشر، بعيدًا عن التدخل العسكري المباشر الذي أثبت في السابق محدودية جدواه وارتفاع كلفته.
وذكر أن التحركات الفرنسية الأخيرة في الشرق والغرب الليبي، من خلال لقاءات مع عقيلة صالح رئيس مجلس النواب ومحمد تكالة رئيس مجلس الدولة الاستشاري، تعكس استراتيجية مزدوجة.
وتابع: هذه الاستراتيجية تقوم على إدارة التوازنات بين مراكز القرار الليبي، إلى جانب محاولة تحجيم النفوذ الروسي في الملف الليبي، وتعزيز الحضور الفرنسي ضمن الإطار الأوروبي والأممي.
وأفاد الفنيش بأن باريس تراهن اقتصاديًا على قطاعات الطاقة والنفط والغاز، فضلًا عن مشاريع البنية التحتية وإعادة الإعمار، باعتبارها أدوات لإعادة إنتاج نفوذ طويل الأمد يضمن لها موقعًا في أي تسوية سياسية مستقبلية.
ورأى أن قدرة فرنسا على اختراق الملف الليبي بشكل فعلي لا تزال محدودة، مشددًا على أن النجاح يتطلب الانتقال من اللقاءات ذات الطابع الرمزي إلى تبني استراتيجية أوسع، تقوم على التعامل مع تعدد مراكز القرار، وكسر حالة الانسداد السياسي القائمة.
وأكد الفنيش أن ليبيا لم تعد ساحة قابلة للسيطرة الأحادية، وأن أي دور فرنسي محتمل سيظل مرهونًا بمدى استعداد باريس للعمل ضمن شراكات استراتيجية، والقبول بواقع تعدد اللاعبين، مع امتلاك القدرة على قراءة المشهد الليبي بدقة ومرونة، بعيدًا عن محاولات إعادة إنتاج نفوذ الماضي.
وفي السياق، فشلت الوساطة الفرنسية في عقد اجتماع في العاصمة باريس بين عقيلة صالح ومحمد تكالة للتوصل إلى حل بخصوص القوانين اللازمة لإجراء الانتخابات العامة المؤجلة.
وتزامن فشل اجتماع صالح وتكالة للمرة الأولى مع إحاطة هانا تيتيه، المبعوثة الأممية، أمام مجلس الأمن الدولي الجمعة الماضية، مما قد يفتح الباب أمام إمكانية لجوء الأمم المتحدة إلى خيارات بديلة بعد تعثر المفاوضات بين المجلسين المنوط بهما مهام التشريع في ليبيا.
وكان من المفترض أن يضم لقاء صالح وتكالة نائب رئيس المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، حيث استضافت الخارجية الفرنسية الثلاثة يومَي 16 و17 ديسمبر في باريس، للتأكيد على أولويتها في إيجاد حل سياسي دائم في ليبيا.
وشددت الخارجية الفرنسية في تصريحات للمتحدث باسمها عبر منصة إكس، على أن وحدة ليبيا واستقرارها وسيادتها تعتمد على إعادة إطلاق عملية سياسية، يقودها الليبيون ولصالحهم، وتتوج بانتخابات رئاسية وبرلمانية.


