أفادت وكالة الأنباء الأفريقية “أي بي أي نيوز” بأن تركيا تسعى لتمديد وجودها العسكري في ليبيا، حيث طلبت تفويضًا برلمانيًا جديدًا لمدة عامين للإبقاء على قواتها في ليبيا.
وأوضحت الوكالة في تقرير لها، بأن هذا الطلب، الذي قدمته الرئاسة ووقعه الرئيس رجب طيب أردوغان، يأتي في ظل جمود سياسي مستمر بطرابلس وغياب جدول زمني موثوق لإجراء انتخابات وطنية، بعد أكثر من عشر سنوات على سقوط النظام السابق.
وأشارت إلى حجة أنقرة بأن تواجد قوات تركية للحفاظ على استقرار ليبيا، حيث تُصوّر نفسها كطرفٍ يُسهم في الحفاظ على وقف إطلاق النار وتعزيز الحوار السياسي، بهدف الوصول إلى انتخابات حرة ونزيهة.
إلا أن هذه الرواية الرسمية تُخفي حقيقةً أكثر إثارةً للجدل؛ فالوجود العسكري التركي، الذي بُرِّر في البداية باتفاقية تعاون أمني وُقِّعت مع سلطات طرابلس، لا يزال أحد أبرز نقاط الخلاف في الملف الليبي.
وينظر إليه العديد من الأطراف الليبية والإقليمية كعاملٍ يُخلّ بالتوازن، لا سيما مع استمرار وجود قوات أجنبية ومرتزقة آخرين على الأرض، في انتهاكٍ متكرر لالتزامات الانسحاب الدولي.
وأضاف التقرير أنه وفقًا لأنقرة، فإن هذا الفراغ السياسي في ليبيا قد يزعزع الهدوء النسبي الذي شهدته الأشهر الأخيرة، ويُفضي إلى عودة العنف.
كما تُستخدم هذه الحجة الأمنية، المتكررة في الخطاب التركي، لتبرير مدة ونطاق انتشار القوات، الذي لا تزال معالمه الدقيقة غامضة إلى حد كبير.
وتؤكد أنقرة كذلك أن وجودها يستند إلى اتفاقيات ثنائية سارية المفعول، وإلى علاقات سياسية واقتصادية طويلة الأمد مع ليبيا. وبالإضافة إلى الجانب الأمني، تشمل هذه العلاقات مصالح استراتيجية أوسع، لا سيما في شرق المتوسط، حيث تسعى تركيا إلى تعزيز مواقعها في مجال الطاقة والجيوسياسية في ظل تغير موازين القوى الإقليمية.
وفي هذا السياق، يُظهر طلب التمديد تناقضات العملية الليبية؛ فبينما يُقدَّم الوجود الأجنبي كحصن منيع ضد الفوضى، فإنه يُسهم أيضًا في ترسيخ الوضع الراهن، في ظل غياب ضغط حاسم من أجل حل سياسي شامل.
وبالتالي، يبدو التصويت المتوقع في البرلمان التركي أقل كونه خطوة فنية وأكثر كونه إشارة سياسية قوية، مما يؤكد تورط أنقرة طويل الأمد في القضية الليبية التي تبدو مستعصية على الحل.


