قال سلامة الغويل رئيس مجلس المنافسة ومنع الاحتكار والمترشح لرئاسة الحكومة الجديدة، إنّ ظاهرة بقاء عدد من الوزراء والمسؤولين المدانين قضائياً في مواقعهم، أو حتى ترقيتهم إلى مناصب جديدة، تمثّل انعكاساً واضحاً لحالة اختلال منظومة الحكم وتداخل السلطات في غرب البلاد.

ويرى الغويل، في تصريحات نقلها موقع رصيف22 اللبناني، أن المسألة لا تقتصر على ضعف تنفيذ الأحكام، بل ترتبط ببنية السلطة القائمة على توازنات معقدة بين الحكومة والمجموعات المسلحة، حيث بات الولاء السياسي والأمني أحياناً أقوى من سلطة القانون.

وأضاف أنّ هذا الواقع جعل بعض المسؤولين المتهمين بالفساد أو المخالفات الإدارية يتحولون من موقع المساءلة إلى موقع النفوذ، في ما يشبه عملية “غسيل سمعة” مؤسساتية، تُستخدم فيها المناصب لترميم الصورة وإعادة تدوير الوجوه داخل دوائر السلطة.

وأكد الوزير السابق في حكومة الدبيبة، أنّ ظاهرة إعادة تدوير الوجوه داخل دوائر السلطة، تعكس هشاشة الفصل بين السلطات، وضعف أدوات الرقابة والمحاسبة، وتراجع هيبة الدولة أمام نفوذ السلاح والمال السياسي.

وتابع: برغم هذا المشهد المضطرب، تظل النيابة العامة واحدةً من المؤسسات القليلة التي حافظت على تماسكها واستقلالها المهني، فقد أثبتت خلال السنوات الأخيرة أنها صمام الأمان للدولة الليبية، وميزان العدالة الذي يقف في مواجهة الانقسام والضغوط.

واسترسل: وتمثّل اليوم، بقيادتها الراسخة، الملاذ الأخير لفكرة الوطن الواحد القائم على سيادة القانون، لا على شرعية القوة أو موازين النفوذ، فكلما ازدادت النيابة العامة قوةً واستقلالاً، ظلّ الأمل قائماً في أن تستعيد ليبيا مؤسساتها وتبني دولة العدل والإنصاف.

وبرأيه، فإنّ الأمن في طرابلس ليس غائباً بل مُسيّس، فهناك انضباط أمني حين يتوافق مع مصالح القوى النافذة، وفوضى حين يتعارض معها: وعليه، فإنّ غياب تنفيذ الأحكام لا يعود إلى الفوضى وحدها، بل إلى تعدد مراكز القرار الأمني وتضارب صلاحياتها.

وبيّن الغويل، أنّ الولاء السياسي أصبح في طرابلس أهم من النزاهة، مضيفاً أن الحكومة القائمة في الغرب اعتمدت في بنيتها على مبدأ الولاء لا الكفاءة، فالمسؤول الذي يضمن ولاءه أو يمتلك نفوذاً داخل إحدى الدوائر النافذة يُكافأ، حتى لو كانت سيرته القضائية مثقلةً بالاتهامات.

وخلُص إلى أن بعض القرارات الإدارية تحولت إلى أدوات لتبييض الصورة وإعادة تدوير الوجوه التي فقدت شرعيتها القانونية، في إطار ما يشبه “غسيل السمعة المؤسسي”، للحفاظ على التوازنات الداخلية.

وأصدر النائب العام عدة قرارات الفترة الماضية، بسجن وزراء في حكومة الدبيبة، لكنها لا تتعدى الحبر الذي كتبت عليه، ولم تجد لها طريقا للتنفيذ، فلا يزال المقضي بحبسهم طلاقاء.

أحدث الوزراء الصادر بحقهم قرار بالحبس من قبل النائب العام، هو الوزير علي العابد الذي يدير ثلاث وزارات على خلفية فساد مالي وإداري في طباعة الكتب المدرسية، لكنه ظهر يتجول حرا رغم القرار.

كما شملت قرارات الحبس وزراء النفط والصحة والثقافة في حكومة الدبيبة الذين عادوا إلى مكاتبهم بعد صدور أوامر توقيف بحقهم، لتتكرّر القصة نفسها: جرائم بلا عقاب، وقرارات قضائية تهمّش أمام نفوذ السياسة والسلاح.

Shares: