دعت صحيفة العرب اللندنية الشعب الليبي إلى ضرورة التحرك بعدما تأكد له ولمحيطه الإقليمي والدولي أن هناك أطرافًا داخلية وخارجية تمنع التوافق وتحول دون التوصل إلى حل للأزمة المتفاقمة منذ 15 عامًا.
وأفادت الصحيفة في تقرير لها، أن هناك من يتعمدون الحؤول دون تنظيم الانتخابات، ودون إعادة الأمانة إلى الشعب ليمارس حقه في اختيار من يحكمه عبر صناديق الاقتراع، وأن هناك من يراهن بالفعل على تأبيد الأزمة إلى أجل غير مسمى.
وأكدت الأحداث المتتالية منذ أحدث 2011، أن المجتمع الدولي غير جاد في بلورة حل مقنع للأزمة المتفاقمة، ولم يقدم أي مقترح واقعي لإخراج البلاد من النفق، وإنما استسلم لسلطة الميليشيات، ولمؤامرات شبكات الفساد ولصوص المال العام.
وشهدت ليبيا ثلاث محطات مهمة؛ الأولى بدأت في العام 2011 بتشكل خارطة للتحولات الكبرى، تبيّن أن هدفها الأول هو تمكين تيارات الإسلام السياسي من الحكم، وتحويل ليبيا إلى بيت مال حركة الإخوان وتنظيم القاعدة والجماعات الإرهابية.
هذه الجماعات كانت تتحرك على أكثر من صعيد لبسط نفوذها على المنطقة العربية ضمن خطة “الفوضى الخلاقة” باعتبارها نظرية سياسية واستراتيجية أمريكية في الشرق الأوسط، انطلق تنفيذها في عهد الرئيس جورج دبليو بوش ابتداءً من غزو العراق في العام 2003.
أدت تلك المرحلة إلى سيطرة الميليشيات والجماعات المسلحة على السلطة والمجتمع، وتعميم الخراب في مختلف مناطق البلاد التي تحولت إلى ساحة استقطاب للإرهاب، وشهدت لأول مرة تأسيس إمارة إسلامية تابعة لتنظيم القاعدة في مدينة درنة، ثم ولاية تابعة لتنظيم داعش انطلاقًا من مدينة سرت.
وتشكلت ملامح المحطة الثانية مع انقلاب الإخوان على نتائج انتخابات يونيو 2014، وإعلان الميليشيات عن تدشين منظومة “فجر ليبيا” الإرهابية بداية من 13 يوليو من ذلك العام، وهو ما زج بالبلاد في حرب أهلية.
وفتحت منظومة “فجر ليبيا” المجال واسعًا أمام تقسيم مؤسسات الدولة بعد أن اضطرت الحكومة إلى مغادرة طرابلس في اتجاه المنطقة الشرقية، وتدخل المجتمع الدولي لإطلاق حوار سياسي بين الليبيين أفضى في ديسمبر 2015 إلى اتفاق الصخيرات.
كان يهدف اتفاق الصخيرات بالدرجة الأولى إلى إعادة تدوير جماعة الإسلام السياسي عبر تشكيل مجلس الدولة الاستشاري على أنقاض المؤتمر الوطني العام المنتخب 2012.
وجاء الاتفاق بالمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج ليزيد من تأزيم الوضع عبر توفير غطاء شرعي لجرائم أمراء الحرب وقادة الميليشيات.
المرحلة الثالثة هي تلك التي انطلقت بالاتفاق على وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، وتدشين الحوار في تونس بعد أقل من شهر، لتشهد العملية السياسية واحدة من أوسع عمليات الفساد والتي أفرزت حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي الحالي.
كان من أبرز محطات المرحلة الثالثة تحالف قوى داخلية وخارجية على عرقلة مشروع الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي كانت مقررة 24 ديسمبر 2021، ومن هناك الاتجاه لقطع الطريق أمام أي حل سياسي يمكن أن يحول دون استمرار سلطات طرابلس في الحكم.
فالحكومة التي جاءت للإشراف على تنظيم الانتخابات خلال 8 أشهر من تشكيلها لا تزال تواصل مهامها للعام الخامس على التوالي، ومجلس الدولة الذي جيء به لأداء مهمة استشارية وفق اتفاق الصخيرات تم تحويله إلى غرفة ثانية للبرلمان مهمتها تعطيل المبادرات وتأجيل الحلول.
أما الميليشيات فلا تزال تسيطر على المنطقة الغربية مع تجميد متعمد لقرارات اللجنة العسكرية 5+5 الصادرة بخصوصها. وكل نداءات القوى الوطنية بإجلاء القوات الأجنبية والمرتزقة لا تجد صدى لدى سلطة الأمر الواقع.
في الأثناء، تتواصل شبكات الفساد في نهب إيرادات الدولة من النفط والغاز، وفي المساومة على الاستثمارات الخارجية والحسابات المجمدة في بنوك الغرب. ولا يتوقف عبد الحميد الدبيبة وفريقه عند عرض سيادة الدولة ومقدراتها ومصالحها للمقايضة مقابل تأمين بقائه في السلطة.


