قال جبريل العبيدي الكاتب والمحلل السياسي الليبي، إن قضية اختفاء وتغييب الإمام موسى الصدر إنسانية يجب ألا تخضع للابتزاز السياسي والمتاجرة بدمه.
وانتقد العبيدي في مقال رأي بصحيفة الشرق الأوسط، اعتقال الكابتن هانيبال القذافي واتهامه في القضية، لا سيما أنه كان طفلاً لا يتجاوز عمره السنتين حين اختفى الصدر، مما يجعل منه رهينة سياسية لا يليق بالحكومة اللبنانية والقضاء اللبناني الاستمرار بها تحت أي ذريعة.
وأضاف أن الصدر اختفى في ظروف وسنوات غامضة للغاية تجاوزت الأربعين عاماً، وتكاد تختفي جميع معالم القضية التي تُعدّ من أشد قضايا الإخفاء القسري لشخصية لم يكن لها أعداء ظاهرون في زمن اختفائها.
وأكد وجود مستفيدين كثيرين من اختفاء الصدر؛ مما يضعهم على قائمة المتهمين الافتراضيين، ومنهم دول وقادة أحزاب لبنانية ورجال دين شيعة كثر تزعموا منظمات آيديولوجية، منها حزب الله.
وأشار إلى محاولة صحافيي قناة بريطانية تقصي الحقائق حول اختفاء الصدر في ليبيا، حيث التقطوا صوراً لجثة وُجِدت في براد أحد المستشفيات الليبية مع جثث أخرى زُعِم أنها لموسى الصدر، وتم تحليل الصور مع صور له وذويه، ولم تتجاوز نتيجة المطابقة 60 في المائة، مما جعل الشك مناصفةً مع اليقين حول حقيقة انتماء الجثة المجمدة سنوات طويلة لموسى الصدر.
هذه الصور الخوارزمية التي التقطت عام 2011 لجثة داخل مشرحة في ليبيا تُشبه الإمام موسى الصدر، قال عنها أحد الصحافيين إن الجثة طويلة القامة على نحو غير عادي، وكان الصدر معروفاً بطول القامة الذي بلغ 1.98 متر، لكن الوجه بالكاد احتفظ بملامح تسمح بالتعرّف عليه.
وذكر الفريق الصحافي أن فريقاً في جامعة برادفورد طوَّر خوارزمية فريدة تُدعى التعرّف العميق إلى الوجه، وهي التي استُخدِمت في المطابقة.
ووفقا للعبيدي، فإن الرواية الليبية زمن العقيد الراحل معمر القذافي تقول إن الإمام موسى الصدر غادر ليبيا إلى إيطاليا، وتحديداً روما، وفعلاً وُجِدت ملابسه وحاجياته في أحد الفنادق بالعاصمة الإيطالية روما.
وثبت حجزه لغرفة له ومرافقيه في ذلك الفندق، إلا أن الجانب اللبناني رفض الرواية الليبية وكذَّبها، وقال إن ثمة مَن غادر حاملاً جواز سفر الإمام، ومتنكراً في ثيابه وهيئته.
المشكلة بحسب الكاتب، أن الجميع لا يزال لا يريد وغير مستعد لكشف الحقيقة أو القبول بها من حيث الواقعية؛ فالسياسيون الشيعة لديهم قناعات ثابتة تتعلق بعدم وفاة الصدر، وأنّه لا يزال يتنقل من سجن إلى آخر منذ اختفائه؛ الأمر الذي يُعتبَر غير مقبول، بحكم عمر الإمام الذي تجاوز المائة عام، إضافةً إلى الظروف التي لا تسمح له بالبقاء حياً حتى الآن، خصوصاً أن من يحكم ليبيا اليوم هم أعداء القذافي وليسوا أنصاره، ليستمر إخفاء الصدر.
كما أن أسرة الإمام ترى أنه لا يزال حيّا مسجونا، كما صرحت ابنته وشقيقته التي ذكرت أن هناك دولاً إقليمية وراء إخفاء الصدر، لتفتح الباب أوسع وراء التكهنات، لا سيما أن العقيد القذافي لم تكن صاحب مصلحة في إخفاء أو قتل موسى الصدر، بل جاء لحضور احتفالات ثورة الفاتح.
وبين أن من أكثر المتحدثين والمتحمسين للحديث عن اختفاء الصدر، رئيس المجلس النيابي اللبناني نبيه بري، الذي قاطع السلطات الليبية، وحرَّض ضدها، ورفض أي حوار معها، بل ورفض حتى التعاطي مع معلومات شبه مؤكدة عن موت الإمام ورفيقيه.
ولفت إلى تكرار نبيه بري القول بأن هدفه تحرير الإمام ورفيقيه، مما يعنى أنه هو الآخر لا يزال يعتقد أن الصدر ما زال حياً بعد هذه السنوات الطوال، وهذا أمر غير واقعي أصلاً، ويعرقل أي تفاوض وتسوية ممكن الوصول إليها.
واسترسل بأن ملف الصدر ورفيقيه يحتاج إلى لجنة تحقيق عربية إسلامية محايدة، لتنهي هذا الملف، ولمعرفة مصير موسى الصدر، سواء أكان لبنانياً أو إيرانياً، كما كان يردد القذافي، وأن الأحق بالمطالبة بمعرفة مصيره إيران، التي لم تسجل طلباً واحد للمطالبة بمعرفة مصيره حتى اليوم.