نقل موقع ميدل إيست آي البريطاني عن مصادر تأكيدها بأن إبراهيم الدبيبة، أجرى محادثات سرية مع مسؤولين إسرائيليين بشأن صفقة من شأنها أن تُفرج الولايات المتحدة عن 30 مليار دولار من الأصول المجمدة، مقابل توطين الفلسطينيين في ليبيا.

وبحسب تقرير للموقع، قال مسؤولون ليبيون وعرب وأوروبيون، اشترطوا عدم الكشف عن هويتهم لحساسية القضية، إن إبراهيم الدبيبة، يقود المحادثات رغم رفض الفلسطينيين في غزة رفضاً قاطعاً لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لما بعد الحرب بشأن القطاع.

وأفاد مصدر ليبي بأن “محادثات عملية” قد جرت بالفعل، لكن التفاصيل كانت غامضة، مضيفا: “لم يتم الحديث بعد عن الآليات والتنفيذ”.

وقال مصدر ليبي آخر إن المناقشات لا تزال مستمرة وإن أعضاء البرلمان الذي يتخذ من طرابلس مقرا لهم يتم إبقاؤهم في الظلام عمداً في ظل المشاعر المؤيدة لفلسطين العميقة في البلاد.

وأضاف المصدر أنه في محاولة لاسترضاء بعض القادة الليبيين، كانت الولايات المتحدة مستعدة لتقديم دعم اقتصادي أو مزايا أخرى مقابل استقبال ليبيا للفلسطينيين.

وذكر المصدر أن إبراهيم الدبيبة قد تلقى بالفعل ضمانات بأن وزارة الخزانة الأمريكية ستفرج عن نحو 30 مليار دولار من أصول الدولة المجمدة.

وفي مايو، أفادت مصادر منفصلة لموقع “ميدل إيست آي” أن مسعد بولس، مستشار ترامب وحمّى ابنته تيفاني، أجرى مناقشات مع إبراهيم الدبيبة بشأن الإفراج عن مليارات الدولارات من صناديق الثروة السيادية المجمدة الخاضعة للعقوبات.

وأشار الموقع البريطاني، إلى تقارير تفيد بأن خليفة حفتر، عُرض عليه سيطرة أكبر على موارد البلاد النفطية إذا وافق على إعادة توطين مئات الآلاف من الفلسطينيين.

ومؤخرًا، وصف وزير الزراعة الإسرائيلي آفي ديختر، ليبيا بأنها “الوجهة المثالية” للفلسطينيين، قائلًا إنهم “سيغادرون غزة بسعادة” إذا قُدّم لهم الدعم الدولي اللازم.

قال: “ليبيا بلدٌ شاسع، بمساحات شاسعة وساحلٍ يُشبه ساحل غزة. إذا استثمر العالم مليارات الدولارات لإعادة تأهيل سكان غزة هناك، فستستفيد الدولة المضيفة اقتصاديًا أيضًا”.

ويُعدّ التهجير القسري، كما هو مُلاحظ في غزة، انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي، ولا سيما المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر النقل القسري للأشخاص المحميين من قِبل قوة احتلال.

وأفاد مصدر أوروبي لموقع “ميدل إيست آي” أن الدبيبة وحفتر “يتفاوضان في الوقت نفسه مع الإسرائيليين” على أمل الحصول على “مزيد من الشرعية من الأمريكيين”.

وأضاف المصدر أنه إذا فُرضت خطة إعادة التوطين قسرًا على ليبيا، فسيجد الفلسطينيون أنفسهم في مأزق، متابعا: “ستكون كارثية على مستويات متعددة”.

أولاً، بالنسبة للفلسطينيين أنفسهم، الذين كانوا ليخرجوا من القطاع أحياءً ويهربوا من حياةٍ بائسة في غزة، ويواجهون التهجير القسري إلى بلدٍ مثل ليبيا، التي تعاني من اضطراباتٍ سياسيةٍ عميقةٍ وحكوماتٍ منقسمة، حيثُ الأنظمة والمجتمع مُنهارةٌ بسبب الحرب الأهلية.

لن يحظى الفلسطينيون بأي رعايةٍ من تلك الحكومات، مما سيدفعهم إلى الكارثة التالية، التي ستؤدي إلى موجةٍ جديدةٍ من الهجرة نحو شواطئ أوروبا. وهذه فكرةٌ مُخيفةٌ أيضًا، لأن العقود الماضية أثبتت أن الكثير منهم لن يصلوا إلا إلى منتصف الطريق عبر البحر الأبيض المتوسط، مثل العديد من تلك القوارب التي انقلبت.

أما أولئك الذين سيصلون في النهاية إلى أوروبا، فلن ترحب أوروبا بمليون عربيٍّ آخر يصل إلى شواطئها، كما فعل السوريون الذين قاموا برحلاتٍ مماثلةٍ قبل بضع سنواتٍ فقط.

وحذّر المسؤول العربي، المُطّلع عن كثبٍ على المحادثات الأخيرة، من أن التواطؤ في خطة التطهير العرقي الإسرائيلية قد يُثير غضبًا واسع النطاق في جميع أنحاء ليبيا، وقال: “سيكون هذا بمثابة صدمة للشعب الليبي”.

ونقل الموقع عن محمد محفوظ المحلل السياسي، قوله إن الولايات المتحدة تُدرك تمامًا أن المناقشات حول إعادة توطين الفلسطينيين في ليبيا قد تُسبب ضائقة كبيرة للسلطات الليبية.

وأضاف: “قد يكون قبول الفلسطينيين مُكلفًا للغاية لأي من الأطراف التي ستتعامل مع الولايات المتحدة في هذا الشأن. وهذا في حد ذاته قد يُفسر سبب عدم تطبيع أيٍّ من الحكومتين للعلاقات حتى الآن”.

التواصل مع أفريقيا

في الأسابيع الأخيرة، صرّح مسؤولون إسرائيليون علنًا، ثم نفوا ذلك لاحقًا، بالتواصل مع قادة من جميع أنحاء أفريقيا وآسيا لاستخدام أراضيهم كوجهات مُحتملة لطرد الفلسطينيين.

وُضعت خطط لإعادة توطين الفلسطينيين في السودان وجنوب السودان ومنطقة الصومال الانفصالية المعروفة باسم أرض الصومال، على الرغم من أن جميع هذه المناطق تعاني من العنف.

وقال محلل سياسي ليبي، طلب عدم الكشف عن هويته خوفًا من هجمات انتقامية من قبل الميليشيات الموالية للحكومة، إنه “ليس من المستغرب” أن يقود إبراهيم الدبيبة جهود التواصل مع إسرائيل.

وأضاف أن إبراهيم الدبيبة، مثل الحكومة الليبية، يتميز باهتمامه بالمصلحة الذاتية. إنه يدرك جيدًا فوائد التقرب من الولايات المتحدة وترامب.

ووفقا للتقرير، في حين أن ليبيا لا تعترف رسميًا بإسرائيل، فمن المعروف أن حكومة طرابلس، عقدت عدة اجتماعات سرية مع مسؤولين إسرائيليين في السنوات الأخيرة.

في عام 2023، التقت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية آنذاك، سرًا بوزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين في إيطاليا، أثار هذا الكشف غضبًا في ليبيا، مما أدى إلى احتجاجات غاضبة وإيقافها عن العمل.

وفي مقابلة لاحقة مع قناة الجزيرة القطرية، قالت المنقوش إنها حضرت الاجتماع بأوامر مباشرة من عبد الحميد الدبيبة، وأنه جرى تنسيق بين حكومته وإسرائيل.

وأفادت “عربي بوست” لاحقًا أن إبراهيم الدبيبة هو من دبّر الاجتماع، نقلًا عن مصادر لم تُسمّها.

Shares: