أفادت صحيفة العرب اللندنية بأن الممسكين بزمام السلطة في ليبيا غير مستعدين لحلحلة الأزمة، رغم أنهم قد يبدون أقلية مقارنة بالشارع الليبي، ولكنهم أصحاب القرار والمسيطرون على الثروة والسلاح.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها، أن العواصم الغربية غير مستعدة للقبول بمجرد احتمال أن تؤول رئاسة ليبيا إلى الدكتور سيف الإسلام القذافي باعتبار أنه ينتمي إلى مدرسة الوطنية الليبية، مؤكدا أن الدبيبة لا يفلت فرصة لقاء مع أيّ مسؤول أو مبعوث أمريكي أو أوروبي دون أن يحذره من إمكانية سيطرة تيار النظام السابق على أيّ سلطة قادمة.
وذكر أن مجلس النواب غير مستعد للقبول بأيّ خارطة طريق لا تتضمن تشكيل حكومة موحدة على أنقاض حكومة الدبيبة، أو تنظيم انتخابات من خارج القوانين الصادرة عنها، والتي يرفضها تيار فبراير والراغبون بوضوح في إقصاء العسكريين ورموز النظام الجماهيري.
وأضافت أن عبدالحميد الدبيبة غير مستعد للتنازل عن مقاليد الحكم لأيّ حكومة جديدة حتى ولو كانت موحدة، مدعومة من المجتمع الدولي، وتهدف إلى إدارة مرحلة تثبيت الوضع النهائي عبر تنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية تفرز سلطات تنفيذية وتشريعية تحظى بالشرعية الشعبية.
ويتمسك الدبيبة برؤيته للمرحلة القادمة، حيث يطالب بتنظيم استفتاء شعبي على مسودة الدستور والمضي نحو انتخابات برلمانية تنتج عنها حكومة مؤهلة لتنظيم الانتخابات الرئاسية، ولديه من يساندونه في هذا التوجه، وخاصة ممن يجدون مصالحهم في استمرار الوضع على ما هو عليه.
وأوضح التقرير أن الدبيبة لديه ميليشيات نشطة على الأرض يمكن أن تدفع بالبلاد إلى مربع العنف والفوضى الجديد، بما يؤدي مباشرة إلى تعطيل أيّ خارطة طريق لا تخدم مصلحة السلطات الحالية في طرابلس.
واسترسل بأن الدبيبة ينظر إلى السلطة كغنيمة حرب، وهو يعتقد أن البقاء دائماً للأذكى وليس للأقوى، وللقادرين على التكيف مع الظروف واللعب على حبال التوازنات الإقليمية والدولية.
وتابع بأن الدبيبة يبدو حاليا قادرا على ممارسة حركاته الأخطبوطية في اتجاهات عدة، وقد وجه رسائل واضحة إلى الحلفاء الغربيين بأنه الأقدر على تأمين مصالحهم، وأنه مستعد لتقديم هدايا ثمينة لكل من يدعم رغبته في التمسك بالسلطة.
وأكد أن للدبيبة ماكينة قوية مزودة بقدرات مالية ضخمة، ولديها القدرة على تزوير الحقائق وفبركة الوقائع وتشويه الخصوم، وهي لا تعرف الرحمة عندما تحتاج إلى ممارسة الفرم في لحظة الحسم.
التقرير استذكر تضحية الدبيبة بوزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بتحميلها المسؤولية كاملة عن فتح جسور التواصل مع إسرائيل، أو عندما سلمت حكومته المواطن أبوعجيلة المريمي، إلى واشنطن لمحاكمته.
ورغم أن ملف القضية سبق وأغلق جنائياً وسياسياً قبل أكثر من 20 عاماً، لكن الدبيبة رغب في تقديم هدية للجانب الأمريكي، وعندما غضب منه الليبيون خرج على الإعلام ليزعم ببساطة أن المريمي تونسي الجنسية في محاولة بائسة للتنصل من مسؤوليته الأخلاقية.
وأشار التقرير إلى استفادة الدبيبة من عدم جاهزية أطراف أخرى للحل السياسي في ليبيا، فالميليشيات المنتشرة في غرب البلاد غير مستعدة لتسليم سلاحها، وبمرور الوقت تحولت إلى مؤسسات ذات أذرع أمنية ومالية واقتصادية، ولدى قادتها مصالح ليسوا على استعداد للتفريط فيها.
وبين أن مافيا الاعتمادات والمضاربة بالعملة في “سوق المشير” وهوامير المال العام المحسوبون على السلطة الحالية، وتيار دار الإفتاء بزعامة الصادق الغرياني الذي تحول بدوره إلى قوة مؤثرة داخل منظومة الحكم، غير مستعدين لأيّ تغيير لا يخدم مصالحهم التي يرون أنها مرتبطة أساساً بضعف الدولة وبحاجة الدبيبة إليهم في تمديد فترة حكمه أو اعتبارها المنوال الذي يمكن النسج عليه.