أثار قرار المفوضية العليا للانتخابات بتعليق الانتخابات في عدد من البلديات، جدلا وامتعاضا واسعا، لا سيما أن هذا الاستحقاق هو الوحيد الذي نجحت ليبيا في تنفيذ مرحلة منه بعد سنوات طويلة من الركود.
وحمّلت المفوضية العليا للانتخابات مديريات الأمن في حكومة البرلمان برئاسة أسامة حماد، مسؤولية تعليق الانتخابات في بلديات بنغازي وطبرق وسرت وأخرى في مناطق سيطرة حفتر، ما يؤشر إلى دخول هذه الاستحقاق دائرة الصراعات السياسية.
وأفادت المفوضية في بيان لها، بأن تعليمات من مديريات الأمن التابعة لحكومة حماد، وجهت بإيقاف توزيع بطاقات الناخبين في تلك البلديات فوراً، دون أن تخاطب المفوضية أو توضح الأسباب التي دعتها إلى ذلك.
وأوضحت أن تعليق العملية الانتخابية في الدوائر الانتخابية بالمنطقة الشرقية يعود إلى سوء استعمال السلطة وتضليل عدالة المحكمة وارتكاب جرائم انتخابية.
وعن بلدية جنزور، ذكرت المفوضية أن عملية توزيع البطاقات توقفت بسبب قيام رئيس المجلس التسييري للبلدية بقفل المراكز المخصصة لتوزيع البطاقات لتحقيق استمراره في السلطة دون المرور على صناديق الاقتراع.
وأعربت المفوضية عن أسفها لإقصاء أكثر من 150 ألف ناخب وأكثر من 1000 مرشح ومرشحة من ممارسة حقهم الطبيعي في الانتخاب، كما دعت مؤسسات الدولة إلى تحمل مسؤولياتها والإيفاء بالتزاماتها نحو إرساء قواعد الاستقرار.
مفوضية الانتخابات أعلنت في بيان سابق، إلغاء الانتخابات في 11 بلدية أغلبها بمناطق سيطرة حفتر مع تأجيل الموعد النهائي لاستلام بطاقات الناخبين إلى يوم 22 يوليو الجاري.
ويأتي هذا الإلغاء ضمن إطار المرحلة الثانية للانتخابات، التي تضم 63 بلدية، منها 41 في الغرب و13 في الشرق و9 في الجنوب، بعد أن انتهت المرحلة الأولى نهاية العام الماضي في 97 بلدية.
وبدأت المفوضية تسليم بطاقات الناخبين لهذه المرحلة في 28 يونيو الماضي، على أن تجري عملية الاقتراع قبل منتصف أغسطس المقبل، وفقاً لإعلان المفوضية.
وتأتي عملية الإلغاء بعد تداول عدد من النشطاء أنباء عن منع الأجهزة الأمنية التابعة لحفتر مراكز انتخابية في مناطق سيطرتها من فتح أبوابها أمام الناخبين.
واتهمت منظمات حقوقية، من بينها منظمة رصد الجرائم في ليبيا، مليشيات حفتر وحكومة حماد بتعمد إفشال انتخابات المجالس البلدية في شرق ليبيا وجنوبها.
وذكرت المنظمة أن إيقاف توزيع البطاقات حدث بالقوة مع مصادرة مستلزمات العملية الانتخابية، محملة قيادة حفتر المسؤولية القانونية الكاملة عن هذه الاعتداءات المتكررة التي تشير إلى نمط ممنهج يهدف لتقويض الحق في المشاركة السياسية، وعرقلة العملية الانتخابية، والمس باستقلالية مفوضية الانتخابات.
وطالبت النائب العام بفتح تحقيق فوري ومستقل وشفاف في جميع حالات تعطيل العملية الانتخابية، والاعتداء على المراكز ومحاسبة المسؤولين لضمان عدم التكرار.
كما أعرب التحالف الليبي لأحزاب التوافق عن قلقه إزاء إعلان المفوضية العليا للانتخابات تعليق الانتخابات المحلية في 11 بلدية، معتبراً ذلك انتكاسة خطيرة تهدد مسار التحول الديمقراطي الذي ينشده الشعب.
وقال التحالف في بيان الثلاثاء، إن أي تعطيل لهذه العمليات الانتخابية يُعد انتهاكاً للتطلعات المشروعة للشعب الليبي ويؤثر سلباً على جهود تحقيق الاستقرار والتنمية في البلاد، داعياً السلطات المعنية في جميع أنحاء ليبيا خاصة في شرق وجنوب البلاد، إلى تحمل مسؤولياتها بعدم إعاقة العمليات الانتخابية وضمان سيرها في بيئة آمنة وشفافة.
فيما أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الإثنين، عن بالغ قلقها إزاء الإعلان عن تعليق العملية الانتخابية في 11 بلدية، داعية إلى ضرورة معالجة أسباب ذلك على وجه السرعة.
وحثَّت البعثة، في بيان لها، جميع السلطات المعنية على معالجة الأسباب الكامنة وراء هذا التعليق على وجه السرعة، وتهيئة الظروف اللازمة لاستئناف العمليات الانتخابية في تلك البلديات في أقرب وقت ممكن.