سلطت صحيفة العربي الجديد القطرية، الضوء على تكرار الحرائق في ليبيا على مدار سنوات، بخاصة في الجنوب، ما يجعل الثروة الزراعية مهددة.

ونقلت الصحيفة في تقرير لها، عن طاهر القزون صاحب مزرعة، قوله إن أكثر من 250 ألف نخلة وأشجاراً أخرى في مناطق الجنوب الشرقي مهددة فعلياً بالحرائق.

وأوضح أن ظاهرة حرائق الجنوب، خاصة في الكفرة وتازربو، تتكرر منذ ما يزيد على عقد ونصف دون أن تعد الحكومات المتعاقبة أي خطط استباقية أو استراتيجيات فعالة لمواجهتها.

وأضاف القزون أن واقع العجز الرسمي دفع أهالي مناطق الجنوب إلى التعامل مع الحرائق بوصفها “أمراً واقعاً” لا مفر منه، والاعتماد كلياً على أنفسهم ومواردهم المحدودة لحماية ما تبقى من ممتلكاتهم.

وأشار إلى لجوئهم لوسائل بدائية مثل نقل المياه والتراب بالسيارات الخاصة، أو محاولة الاستعانة بمعارفهم الشخصية لدى الموظفين في الشركات النفطية العاملة بالمنطقة للحصول على أي دعم محتمل، في غياب تام لأي دعم حكومي منظم.

وتركزت أحدث الحرائق التي اندلعت قبل أيام، في مناطق الجنوب الشرقي، بدءاً من مدينة الكفرة، حيث أفادت بلدية المدينة في بيان لها بتكرر الحرائق منذ أسابيع بسبب ارتفاع درجات الحرارة القياسية.

ولفتت إلى عجز شبه كامل بموارد البلدية التي لا تمتلك سوى سيارتي إطفاء فقط، إحداهما هِبة من مؤسسة النفط والأخرى من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فيما ذكر أنها لم تحصل على أي دعم من الجهات الرسمية المختصة، بخاصة هيئة الدفاع المدني بحكومتي الدبيبة وحماد.

وأشار البيان إلى معاناة أخرى تتمثل في انتشار المزارع وترامي أطرافها على جوانب المدينة، مما يشكل عائقاً كبيراً أمام وصول فرق الإطفاء المحدودة أصلاً إلى بؤر النيران، وأدى ذلك لتفاقم الخسائر.

وطالبت البلدية بشكل عاجل بالحصول على المزيد من سيارات الإطفاء والمعدات المتخصصة، وتعزيز الكوادر البشرية، محذرة من أن التعامل مع الحرائق في ظل الإمكانات الهزيلة الحالية أصبح “صعبًا للغاية” وسط توسع رقعة الدمار يوماً بعد يوم.

ولم تقتصر النار على الكفرة وحدها، بل امتدت إلى المنطقتين المحاذيتين لها، العوينات وتازربو. ففي العوينات، أنقذت فرقة إطفاء تابعة لشركة نفطية تعمل قريباً من المنطقة الأهالي الذين اندلعت الحرائق في مزارعهم، لكن في تازربو كانت الخسائر أوسع.

وفي الوقت نفسه شهدت مناطق الجنوب الغربي من البلاد، تحديداً في مدينة غات، حرائق واسعة، حيث وجد الأهالي أنفسهم وحيدين في مواجهتها، بينما كانت فرق الإطفاء المحلية عاجزة بسبب الفقر الحاد في الإمكانات والمعدات اللازمة للمواجهة.

ولم تفلح مشاهد اللهب وهي تلتهم الأشجار والمزارع في لفت انتباه السلطات، في مشهد يكرر مأساة سابقة شهدتها مناطق أخرى، أبرزها مدينة الأصابعة، التي تشهد منذ فبراير من العام الجاري تكرر ظاهرة الحرائق في منازل المواطنين بشكل غامض دون أي معالجة جذرية من الحكومة التي لم تصل إلى فهم أسبابها الحقيقية أو تقديم حلول ناجعة لوقفها، مما يزيد من حيرة الأهالي وقلقهم.

ولم تكن حرائق الجنوب الحالية سوى حلقة متكررة في سلسلة طويلة، فقد سبقتها بأقل من شهر حرائق مدمرة أخرى طاولت مناطق الشمال الشرقي، امتدت بين بنغازي ودرنة، وتحديداً في القبة ومسة وبلغرى ووردامه والغريقة والعويلية والمرج ووادي الكوف، حيث خلفت وراءها أضراراً واسعة في الغابات ومزارع المواطنين.

وفي صيف العام الماضي، التهمت الحرائق 400 شجرة في غابات شحات شرقي البلاد، وأحرقت ثماني مزارع بكامل محتوياتها في جالو وسط الجنوب، كما التهمت عدداً من المزارع في الكريمية جنوب غرب طرابلس.

Shares: