أفاد مركز “صوفان” للأبحاث والدراسات، بأن الانقسام المستمر في ليبيا أسفر عن إدارتين متنافستين، مشيرا إلى الاشتباكات العنيفة التي جرت بين مليشيات المنطقة الغربية في مايو الماضي وأوقعت مدنيين في مرمى النيران.

وأوضح المركز في تقرير له، أن القتال انتهى باتفاق غير معلن بين الميليشيات وإدارة الدبيبة، أعقبته احتجاجات شعبية واستقالة عدد من الوزراء الذين أيدوا دعوات المتظاهرين لتنحي الدبيبة.

وأضاف أن التظاهرات اندلعت نتيجة جهود الدبيبة لتعزيز سيطرته على جميع قوات الميليشيات الغربية، والتي يراها ضرورية لمضاهاة درجة السيطرة التي يمارسها حفتر في المنطقة الشرقية.

وذكر التقرير أن حفتر عزز منذ زمن طويل سيطرته على مختلف الميليشيات ضمن نطاق نفوذه الإقليمي، وحكم بقبضة من حديد.

ورأى المركز البحثي أن روسيا وتركيا تستغلان انقسام ليبيا وعدم استقرارها لتعزيز موقعيهما الجيوستراتيجي في أفريقيا والبحر الأبيض المتوسط.

وبيّن أن روسيا تعزز علاقاتها مع حفتر من خلال تسليمات أسلحة ضخمة ونشر قوات، بينما تتوغل تركيا في طبرق باستخدام القوة الناعمة.

واسترسل بأن علاقات تركيا بجميع الفصائل الليبية الرئيسية تُمكّن أنقرة من التوسط في وحدة البلاد، بعد سنوات من الجهود الفاشلة التي بذلها وسطاء الأمم المتحدة.

وواصل بأن موسكو تجاهلت جهود الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار، ووسعت علاقاتها العسكرية مع حفتر، معتبرةً أراضيه منصة مثالية لتعويض تراجع نفوذها في سوريا.

وأردف أن روسيا تسعى للاستفادة من الانتكاسات الغربية، بما في ذلك الانسحابات الفرنسية القسرية من مالي وبوركينا فاسو والنيجر وتشاد والسنغال، وخروج الولايات المتحدة من النيجر.

ولا يريد الكرملين إزاحة النفوذ الغربي في أفريقيا فحسب، بل يريد أيضا السيطرة على الموارد الرئيسية، بما في ذلك النفط الليبي، ورواسب الذهب في السودان، وتعدين اليورانيوم في النيجر، بحسب التقرير.

وأكد المركز البحثي أن موسكو ترى في حفتر سبيلًا لبناء وجود بحري دائم في البحر الأبيض المتوسط، وهو طموح قديم للكرملين يتطلب الوصول إلى الموانئ.

واستطرد بأن التمركز البحري سيساعد روسيا على السيطرة على طرق النقل من ليبيا أو التأثير عليها، مما يضع روسيا في وضع يسمح لها بالضغط على أوروبا.

وأكد أن روسيا تعمل الآن على تطوير قاعدة معطن السارة الجوية في جنوب ليبيا، حيث شحنت أنظمة الدفاع الجوي S-300 و S-400، كما انتقل ما يقرب من ألف عسكري روسي إلى ليبيا من سوريا منذ انهيار الأسد.

وتابع التقرير بأن حفتر يرى أن الانتشار العسكري الروسي الذي يُتيح لقواته الوصول إلى شبكات روسيا اللوجستية ومنشآتها العسكرية في البلاد يُمثل وسيلة ضغط على طرابلس.

وأكمل بأن طموح حفتر الجامح للسيطرة على كامل ليبيا دفعه للبدء في بناء علاقات مع تركيا، منافس موسكو على التموضع الجيوستراتيجي في شرق المتوسط.

وقال المركز البحثي في تقريره، إن حفتر وحلفائه يُقدرون استخدام تركيا “للقوة الناعمة” لبناء النفوذ في الشرق – وهو تناقض واضح مع نهج موسكو العسكري المركزي.

وبدأت مشاركة تركيا المتزايدة في شرق ليبيا تؤتي ثمارها حيث يستعد البرلمان الخاضع لحفتر للتصديق على اتفاقية بحرية مثيرة للجدل مع تركيا، حيث يمكن أن يغير هذا التطور بشكل كبير التوازن الاستراتيجي للقوى في شرق البحر الأبيض المتوسط لصالح أنقرة، بحسب التقرير.

وختم بأن التصديق المحتمل على الاتفاقية البحرية من قبل برلمان شرق ليبيا قد يكون محوريًا في النزاعات الدائرة حول موارد الطاقة في المتوسط والنفوذ الإقليمي.

Shares: