سلطت صحيفة الشرق الأوسط الضوء على تصاعد الانقسام بين أطراف الأزمة السياسية المتمسكين بالسلطة في ليبيا، معتبرة أن حسابات الخصوم تفتح الأبواب على مستقبل مجهول للبلاد المنكوبة منذ 14 عاما.

وأفادت الصحيفة في تحليل لها، بأنه من طرابلس إلى بنغازي، تطول المسافات، وتتوزَّع معها أهداف وطموحات الخصومة مع حكومة في العاصمة برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وميليشيات متنازعة؛ سعياً لمخاض معادلة نفوذ جديدة في غرب ليبيا.

وأوضح أنه في الجبهة الأخرى بشرق البلاد، هناك قوات خليفة حفتر، وظهيره السياسي في مجلس النواب وحكومته، الذين لا يُخفون أحلام السيطرة على عموم ليبيا، بعدما دان لهم ثلثاها تقريباً.

حربان أهليتان

وأضاف أنه بين مشروعَيْن في ليبيا وُلدا بعد أحداث 2011، ونضجا في غمار حربَين أهليَّتين عامَي 2014 و2019، يغوص الليبيون في رمال متحركة، في ظل وجود دوامة مبادرات أممية وإقليمية طافت عواصم غربية وعربية.

في طرابلس لم يعد هناك صوت يعلو فوق صوت حملة عسكرية تشنها حكومة الدبيبة ضد ميليشيات أضنت الليبيين، لكن هذه الحملة لم تسلم من شكوك حول أهداف شخصية تهدف لبسط السيطرة السياسية والعسكرية على غرب ليبيا، وفق رؤية متابعين.

الدبيبة، الذي عزَّز قواته بحلفاء ميليشياويين من مصراتة “مسقط رأسه” والزنتان، بات يقف عند نقطة مواجهة تصعب معها الرجعة، وفق محللين، خصوصاً بعد عملية أطلقها في مايو الماضي بالقضاء على حليف الأمس، الميليشياوي عبد الغني الككلي الشهير بـ”غنيوة”، وقوته “دعم الاستقرار”.

محطة استنفار

وأكمل التقرير أن العاصمة طرابلس تقف عند محطة استنفار على وقع تقديرات وحسابات الدبيبة، مشحونة بالتحشيدات العسكرية لحلفائه من طرابلس ومصراتة، وهم جميعاً قادة ميليشياويون انخرطوا في وزارتَي الدفاع والداخلية، ليبدأ بعدها التأهب لخصم آخر يتمثل في ميليشيا الردع بقيادة عبد الرؤوف كارة.

ومع اعتقاد محللين بأن طرابلس ماضيةٌ بقوة نحو جولة اقتتال جديدة قد تغيِّر خريطة مشهد الفصائل المتصارعة، فإن المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية لا يستبعد توجُّهاً أمريكيا نحو التخلص من بعض الأجسام المسلحة بالعاصمة لصالح قيادة موحدة، وفق رؤية مدير المركز شريف بوفردة.

وأشارت الصحيفة إلى المبادرة التي أطلقها الدبيبة على وقع مظاهرات أسبوعية حاشدة ضد حكومته، تضمَّنت إعادة هيكلة وزارية على أساس ما قال إنها “الكفاءة، والبُعد عن المحاصصة”، ثم إطلاق مشروع الاستفتاء الوطني، ووضع آلية واقعية لتأمين الانتخابات.

وأكد التقرير أن المبادرة لم تجد آذاناً مصغية، وعدّتها أطراف سياسية محاولة للالتفاف على المطالب الشعبية بإقالة حكومة فقدت شرعيتها بعد استقالة غالبية وزرائها، ورفض الشارع لاستمرارها.

تطورات المنطقة الشرقية

أما في المنطقة الشرقية، فقد كانت المناورات السياسية السريعة أكثر حضوراً في حسابات مجلس النواب، إذ سارع الخطى على مدار جلستين في مايو الماضي؛ لاستطلاع برامج 14 مرشحاً لرئاسة حكومة جديدة.

ويأتي ذلك رغم يقينه مسبقاً بمعارضة حكومة الدبيبة لهذه الخطوة، لكنه، يعتمد على التوترات بطرابلس بوصفها من أهم مبرّراته المعلنة لتحركه المفاجئ.

Shares: