سلطت صحيفة النهار اللبنانية الضوء على الفساد الذي وصفته بالمنظّم في ملف المساعدات الأوروبية المقدمة لمراكز احتجاز المهاجرين في ليبيا.

ونقلت الصحيفة في تقرير لها، عن نشطاء مهتمين بملف الهجرة تأكيدهم أن المساعدات الأوروبية المقدَّمة إلى مراكز الاحتجاز في البلاد باتت تشكّل بوابة لعمليات فساد وتلاعب واسعة، لصالح قيادات أمنية محسوبة على الدولة.

وكشفت إحصاءات نشرتها منظمة الهجرة الدولية عن ارتفاع في أعداد المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء الذين وصلوا إلى ليبيا خلال الأشهر الأولى من العام الجاري، رغم انعدام الاستقرار الأمني والانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء داخل مراكز الاحتجاز المنتشرة في البلاد.

وسجلت البيانات وجود 858,604 مهاجرين داخل ليبيا حتى شباط الماضي، بزيادة بلغت 19% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

وأوضحت منظمة الهجرة الدولية في تقريرها الأخير، أن تدهور الوضع الأمني في ليبيا يعرّض المهاجرين وطالبي اللجوء إلى خطر أكبر، مؤكدة أنهم “يتعرضون للتعذيب والعنف على يد عناصر من الأجهزة الأمنية التابعة للدولة”.

وأضافت أن 83% من المهاجرين الذين وصلوا إلى ليبيا خلال العام الماضي والأشهر الأولى من العام الجاري ينحدرون من أربع دول فقط: السودان، النيجر، مصر، وتشاد، وعزت ذلك إلى انعدام الاستقرار الجيوسياسي، الذي يدفع بالمهاجرين إلى التوجه نحو ليبيا والانطلاق منها إلى أوروبا.

وسجلت المنظمة عبور 6,835 مهاجراً من ليبيا إلى أوروبا خلال شهري يناير وشباط الماضيين، وصلوا إلى إيطاليا ومالطا، بزيادة نسبتها 32% مقارنة بـ4,626 مهاجراً خلال الفترة نفسها من عام 2024، كما سجلت وفاة 104 مهاجرين خلال رحلة العبور في البحر المتوسط من ليبيا، بالإضافة إلى فقدان 260 آخرين.

ووفقا للتقرير، يقدّر الناشط الحقوقي المتخصص في ملف الهجرة طارق لملوم عدد المهاجرين المحتجزين في ليبيا بنحو 20 ألف مهاجر، موزعين بين سجون تابعة لجهات أمنية رسمية وأخرى تخضع لسيطرة ميليشيات.

وكشف لملوم، عن وقائع فساد عدة داخل مراكز احتجاز المهاجرين، مشيراً إلى تقديم شكاوى مباشرة إلى الاتحاد الأوروبي، لأن المساعدات المخصصة للمهاجرين لا تصل إليهم، وطالب بوضع آلية واضحة لتسليمها بشكل مباشر.

وبيّن أن المنظمات الدولية المعنية بالمهاجرين تقدّم أحياناً مساعدات إلى المحتجزين، لكن مديري مراكز الاحتجاز يتلاعبون بها؛ إذ يُسمح للمنظمة بالدخول وتقديم المساعدات عشية ترحيل المهاجرين، ليُصار إلى نقلهم في اليوم التالي من دون تلك المساعدات، التي تُباع لاحقاً في الأسواق.

وفي حالات أخرى، يتم التلاعب بأعداد المحتجزين لتضخيمها والاستفادة من الفارق في توزيع المساعدات، فعندما تُقدّم المنظمات مواد للنظافة الشخصية، يمتنع الحراس عن توزيع بعضها، مثل معجون الأسنان، بحجة إمكانية استخدامه في إذابة قضبان الأبواب الحديدية.

وتم رصد وقائع عديدة لبيع الأغطية والمفروشات الخاصة بالمحتجزين من قبل رؤساء مراكز احتجاز معروفين، كما جرى، في مناسبة أخرى، توزيع ملابس من قِبل منظمة دولية لكنها لم تُسلَّم إلى المهاجرين، بل عُثر عليها تُباع في الأسواق الشعبية.

وأكد لملوم أن المنظمات الدولية على علم بأن المساعدات لا تصل في كثير من الأحيان، لكن مواجهتها للسلطات الليبية قد تؤدي إلى منعها من دخول مراكز الاحتجاز وممارسة عملها، وهو ما حدث فعلاً في مرات سابقة.

Shares: