أكدت كلوديا غازيني كبيرة المحللين في مجموعة الأزمات الدولية المختصة بالشأن الليبي، وجود انقسام بين القوى الدولية حول الملف الليبي، ليس في صورة خلافات حادة، بل من خلال تباين في الرؤى حول المسار الواجب اتباعه.

وقال غازيني في تصريحات نقلها موقع “سكاي نيوز عربية”، إن الملف الليبي بات غائبًا عن أولويات العواصم الغربية خلال الأشهر الماضية، ما يزيد من تعقيد الأزمة الداخلية في البلاد.

تراجع الانخراط الدولي

وأضافت أن من أبرز الإشكالات الراهنة أن الملف الليبي لم يعد يحتل موقعًا متقدمًا على أجندة الدول الكبرى، لكنها رأت أن هذا التراجع في الانخراط الدولي يحمل في طياته جانبًا إيجابيًا، يتمثل في غياب الرغبة لدى القوى الأجنبية في دعم أي طرف داخل ليبيا.

وأشارت إلى وجود شعور عام بالفتور وربما الضيق من استمرار الأزمة، إلى حد أن أحدًا لا يرغب في الانحياز لأي فصيل، ورأت أن هذا الواقع يُقلّل من احتمالات تجدد العنف المسلح، وهو ما يمكن اعتباره الجانب الإيجابي الوحيد في المرحلة الحالية، لكنه في المقابل يعكس عمق الأزمة وتعقيداتها.

انقسام الليبيين

وذكرت أن الأزمة الليبية لا يجب النظر إليها فقط من زاوية المواقف الدولية، إذ إن الليبيين أنفسهم منقسمون بشأن الطريق الأنسب للخروج من المأزق، وهو ما يجعل المشهد الراهن نتاجًا لتداخل التأثيرات الخارجية مع الانقسام الداخلي وغياب رؤية واضحة للحل السياسي.

وأشارت غازيني إلى وجود مبادرات متعددة تهدف إلى دفع العملية السياسية، من بينها مبادرة بعثة الأمم المتحدة الداعية إلى تشكيل حكومة توافقية، ودعوة مجلس النواب لتسمية حكومة جديدة، إلى جانب مبادرة المجلس الرئاسي الساعية إلى تشكيل حكومة بديلة.

واستدركت بأن أي من هذه المبادرات لا يمثل حلاً كاملاً، إذ تعاني جميعها من مشكلات جوهرية، موضحة أن جوهر المشكلة لا يكمن في شكل المبادرة، بل في عمق الخلافات بين الأطراف الليبية، معتبرة أن الحل لا يمكن فرضه من الخارج، بل يتطلب توافقاً داخلياً حقيقياً على مسار موحّد.

وحذّرت من أن تبنّي أي مبادرة على حساب الأخرى من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من الانقسام، ويحول دون تشكيل حكومة تحظى بشرعية وطنية ودولية.

وجاء تصريح غازيني في وقت تشهد فيه مدن الغرب الليبي، وعلى رأسها طرابلس، موجة احتجاجات تطالب بإقالة حكومة عبد الحميد الدبيبة، وحل الميليشيات المسلحة، وتمكين المجلس الرئاسي من قيادة المرحلة، إلى جانب الدعوة العاجلة إلى تنظيم الانتخابات.

احتجاجات واسعة

ومنذ يوم الجمعة الماضي، تشهد مدن الغرب الليبي احتجاجات واسعة تطالب بحل جذري للأزمة، وذلك في أعقاب مواجهات عنيفة شهدتها طرابلس بين ميليشيات مسلحة، إثر قيام اللواء 444 بإمرة محمود حمزة باغتيال عبد الغني الككلي، المعروف بـ”غنيوة”، قائد جهاز دعم الاستقرار، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات استمرت 3 أيام.

وأثارت الاشتباكات الذعر بين المدنيين، وأسفرت عن سقوط قتلى، إضافة إلى نزوح أعداد كبيرة من السكان، مما دفع المواطنين إلى المطالبة بإقالة حكومة الدبيبة، التي يتهمها المتظاهرون باستخدام الميليشيات لتوطيد حكمها في طرابلس.

Shares: