كشفت الدكتورة أمل منصور، الباحثة والمدونة، عن فراغ قاتل في اهتمام الدولة والمؤسسات بالصحة النفسية للمواطنين، الذين يعانون من تداعيات أكثر من عقد من الحروب والاشتباكات المتواصلة في البلاد، وحذرت من خطر تكوين “جيل مُدمر نفسيًا” إذا استمر هذا الإهمال.
وفي تصريحات تلفزيونية لفضائية “بوابة الوسط”، أوضحت الدكتورة أمل منصور أنه لا توجد “أية برامج تستهدف إعادة تأهيل المشاركين في الحروب أو الذين تضرروا منها”.
وأضافت أن هذا الغياب الصارخ يترك آلاف الليبيين، بمن فيهم المقاتلون والمدنيون الذين فقدوا أحباءهم ومنازلهم، يواجهون الصدمات والاضطرابات النفسية بمفردهم.
ولفتت الباحثة الانتباه إلى شعور المواطن بـ”عدم وجود أمان تجاه الأجهزة الأمنية التي يتعين عليها حمايته”، معربة عن استنكارها لوجود “أعضاء من المليشيات شاركوا في حروب ولم يتم إعادة تأهيلهم وتم ضمهم إلى أجهزة أمنية”.
وتابعت: هذا الدمج غير المدروس لعناصر ربما لا تزال تعاني من آثار العنف يزيد من حالة عدم الثقة ويقوض جهود بناء مؤسسات أمنية موثوقة.
وأشارت الدكتورة أمل إلى معاناة العديد من الأهالي الذين تضرروا بشكل مباشر من سقوط القذائف على منازلهم، مؤكدة أن لم يتم جبرهم نفسيًا.
وأردفت أن هذا التجاهل للجراح النفسية التي خلفتها الحرب يزيد من عمق الأزمة ويؤخر عملية التعافي المجتمعي.
ووجهت الدكتورة أمل منصور نداءً عاجلاً لتكاتف الجميع لإعادة تأهيل الشعب الليبي الذي يعاني جراء الحروب والنزاعات وعدم الاستقرار منذ أحداث 17 فبراير عام 2011.
وشددت على أن الاهتمام بالصحة النفسية ليس ترفًا، بل هو ضرورة قصوى لبناء مجتمع سليم وقادر على تجاوز آثار الماضي المؤلم والمضي قدمًا نحو مستقبل أفضل.
إلى ذلك كشفت منظمة الصحة العالمية عن أرقام صادمة تسلط الضوء على حجم الاحتياجات النفسية المتزايدة في ليبيا، حيث أكدت أن واحدًا من كل سبعة أشخاص في البلاد، أي ما يقارب المليون نسمة، يواجهون حاجة ماسة للحصول على خدمات الصحة العقلية.
وأرجعت المنظمة، في بيان سابق، هذا الوضع إلى الأزمات المتتالية التي تمر بها البلاد، والتي تسببت في انتشار حالات مثل الاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة بين السكان.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى النقص الحاد في الكوادر المتخصصة في مجال الصحة النفسية في ليبيا، حيث لا يوجد سوى أخصائي واحد متخصص لكل 300 ألف شخص. هذا النقص الحاد يمثل تحديًا كبيرًا أمام جهود تلبية الاحتياجات المتزايدة للمواطنين.