سلطت صحيفة العربي الجديد الضوء على زيارات المسؤولين الأمريكيين الكثيفة لطرابلس وبنغازي، وذلك في خضم التصريحات التي أدلى بها مسعد بولس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حول صياغة خطة أمريكية مطورة لحل الأزمة الليبية.

وأفادت الصحيفة في تقرير لها، بأنه طغى على خطابات وأحاديث القادة الليبيين، في مشرق البلاد وغربها، منطق الحديث عن عالم المال والاقتصاد والاستثمارات، في ما يبدو أنه محاولة لاستمالة واشنطن بفلسفة ترامب التي تعتبر السياسة امتداداً للاقتصاد.

وذكرت أنه في الآونة الأخيرة كثف مسؤولو قوات خليفة حفتر وحكومة البرلمان إصدار التقارير والتصريحات حول مشاريع البناء التي تروج لها، كما ركز عبد الحميد الدبيبة، بشكل لافت، على ملفات الاستثمار في النفط والغاز في الغرب، ويبدو أن الجانبين يحاولان استيعاب منطق اللعبة الراهنة.

وأوضح التقرير أن مشروع حفتر لإعادة البناء والإعمار لم يكن سوى محاولة لتحويل الصراع العسكري إلى عملية تفاوضية تجذب الشريك الدولي.

وبين أن التقارير التي أصدرها جهاز الإعمار ومسؤولو حكومة البرلمان عن المساحات الكبيرة التي يعتزمون تدشين مشاريع بناء فيها بمليارات الدولارات، لسان حالها يقول إنها تنتظر مستثمراً قويا.

كما تحدث الدبيبة في اجتماعاته الحكومية الأخيرة عن ملف الاستثمار في النفط والغاز في باطن أرض البلاد وبحرها، وبدا وكأن كلاً من الجانبين منشغل في عرض نفسه شريكاً أمثل لمصالح ترامب الذي لا يرى العالم سوى سوق واسعة، والتحالفات عقود تُقاس بمعايير المكاسب، حتى وإن كان ذلك يناقض استقرار الدول وهويتها.

ووفقا للتقرير، ما لا يدركه أصحاب الخطاب المتلون من القادة المحليين أن العقل الذي يفكر به ترامب ليس جديداً، فلم يستوعبوا دروس التاريخ عندما ربط المستعمر الأجنبي في سابق الأزمان، أينما حل، توسعه الاستعماري بمكاسبه الاقتصادية.

وأضاف أن ما يفعله ترامب اليوم هو إعادة إنتاج ذلك النموذج عبر أدوات العصر، أما المفارقة في تعاطي القادة الليبيين، فهي أن كل طرف يتهم الآخر بالمسؤولية عن الهدر الكبير في الإنفاق المالي من دون رقابة.

ويتبارون في الوقت نفسه في عرض أنفسهم على العالم بوصفهم شريكاً أمثل، بطريقة قد ترهن مستقبل البلاد لصالح “صفقة” مع أي دولة قد تجعله الطرف الأقوى في خريطة الصراع المحلي.

صحيح أن الاقتصاد يتماس مع السياسة، وقد يقع في قلبها أحياناً، لكن الخطر هنا هو في اختزال مصير بلد في معادلات مالية تتناسى أنه يعيش أزمة تهاوت به إلى درجات عميقة، لا على مستوى الاقتصاد فحسب، بلد على مستوى الهوية ووحدة البلاد التي تتبدد على يد المتصارعين.

الصحيفة لفتت إلى مطالبة عضو المجلس الرئاسي موسى الكوني أثناء زيارته لواشنطن أخيراً، بإجراء الانتخابات ضمن نمط الحكم الفيدرالي في أقاليم ليبيا الثلاثة (فزان، برقة، طرابلس)، معللاً ذلك بأن جنوب ليبيا لا حكومة له، أسوة بالحكومتين في طرابلس وبنغازي.

ورأى التقرير أنه ربما تكون تصريحات بولس بشأن تطوير البيت الأبيض خطة للحل في ليبيا من خلال شراكة فعلية بين كل الليبيين، انعكاساً لحالة التشظي العميقة التي وصلت إليها البلاد في وحدتها وهويتها.

Shares: