سلطت صحيفة العربي الجديد القطرية الضوء على الأنباء عن تشكيل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، لجنة برلمانية للتواصل مع آلاف الأسر المهجرة من مدن الشرق الليبي، إبان حروب خليفة حفتر في بنغازي ودرنة عام 2018.
والصحيفة أفادت في تقرير لها، بأنه في هذه الحروب فرّت الأسر من منازلها بسبب مخاوفها من حملات انتقام مليشيات حفتر ضد كل الأسر التي اشترك أبناؤها في الحرب ضدها.
وذكرت أنه رغم عدم صدور قرار معلن بتشكيل هذه اللجنة البرلمانية، إلا أن ظهور عدد من المهجرين في طرابلس على وسائل الإعلام وعبر منصات التواصل الاجتماعي، يشير إلى حقيقة هذا المسعى من جانب البرلمان ضمن “ملف المصالحة” للتفاوض معهم على عودتهم إلى منازلهم مقابل تعويضات مالية.
وتساءل التقرير عن توقيت هذه المبادرة، والأهداف الكامنة في عمقها، خصوصاً مع تقاطعها مع جهود حفتر الأخيرة لتسويق نفسه كـ”صانع سلام” عبر تشكيله جسماً أطلق عليه مسمى “المفوضية العليا للمصالحة الوطنية”.
وكلف نجله الصديق حفتر بقيادتها، في الوقت الذي تتحدث فيه العديد من الأوساط في ليبيا عن اقتراب المحكمة الجنائية الدولية أكثر من الملف الجنائي الليبي المتخم بالانتهاكات الصارخة لحقوق المدنيين.
وبعد كل هذه السنوات من التهجير القسري لما يزيد عن عشرة آلاف أسرة، أطلق عقيلة صالح هذه المبادرة كجزء من قانون المصالحة الذي أعلنه مطلع يناير الماضي، الذي قصر فيه الإشراف على تنفيذ المصالحة على نفسه.
الصحيفة تساءلت هل سيقبل بمطالب صرّح بها بعض المهجرين للقبول بالمصالحة، مثل الكشف عن مصير ذويهم المغيبين منذ سنوات طويلة في سجون حفتر، ومحاسبة المتورطين في جرائم التعذيب والإخفاء والقتل؟
تدوينات بعض المهجرين، تعكس سعياً لعرض العودة عليهم إلى منازلهم بدون شروط، بل بعضها تضمن حديثاً عن بنود في مبادرة مجلس النواب تتضمن إخلاء مسؤولية حفتر الجنائية عن الانتهاكات، ما يجعل عرض المصالحة محاولة للتحصين القضائي لمن أجرموا في حق المهجرين.
وبحسب التقرير، تبدو هذه المساعي في شكلها وتوقيتها مرتبطة بنشاط المحكمة الجنائية الدولية في الملف الجنائي الليبي وإصدار المزيد من مذكرات القبض بحق المتورطين فيه، خصوصاً أن بعض الأسر التي تضررت من حروب حفتر في بنغازي نجحت سابقاً في رفع دعاوى قضائية ضد حفتر في محاكم فرجينيا الأمريكية، حيث كان يقيم قبل عودته إلى ليبيا.
ويبدو موقف صالح وحفتر بخلاف حقيقة المصالحة، فكلاهما امتنعا عن التوقيع على “ميثاق المصالحة” الذي أُعلن في أديس أبابا برعاية الاتحاد الأفريقي في الأشهر الماضية، فهل تتحول المصالحة إلى أداة لشرعنة الإفلات من العقاب عبر إغلاق الملفات بالتعويض المادي، بدون مساءلة حقيقية، وتوسع مفهوم التهجير القسري إلى نسيان قسري للجرائم بشرعية القوانين؟