في واقعة أثارت جدلاً واسعًا في الشارع الليبي، ظهر محمد بحرون “الفار“، المطلوب للعدالة بموجب أمر قبض صادر من النائب العام في 4 سبتمبر الماضي، في صورة تجمعه مع عماد الطرابلسي وزير الداخلية في حكومة الدبيبة ورئيس ما يسمى بـ”جهاز الأمن الداخلي” على مائدة إفطار، وذلك بدعوة من إبراهيم الدبيبة.
وأثار هذا الظهور غضبًا واسعًا في الأوساط الليبية، حيث اعتبره البعض استهزاءً واضحًا بسلطة القانون وتقويضًا لجهود تحقيق العدالة في قضية مقتل عبدالرحمن سالم ميلاد “البيدجا”.
ويُنظر إلى هذا الظهور على أنه دليل على نفوذ الميليشيات في ليبيا وتأثيرها على “مؤسسات الدولة”.
العديد من النشطاء والمراقبين وصفوا هذا الظهور بأنه “فضيحة” و”دق آخر مسمار في نعش مكتب النائب العام”، مؤكدين أن أوامر القبض الصادرة عن النيابة العامة أصبحت “حبرًا على ورق” وأن العدالة في ليبيا “مُهانة”.
وحذر مراقبون من أن الوضع في ليبيا يسير على غرار سيناريو هايتي، حيث حاولت الأمم المتحدة دمج العصابات في مؤسسات الأمن، مما أدى إلى استيلاء هذه العصابات على الدولة وسقوطها في الفوضى.
الواقعة أثارت تساؤلات حول مدى تحقيق العدالة في قضية مقتل” “البيدجا”، حيث يظهر المتهم الرئيسي بالقضية في صورة ودية مع شخصيات يفترض أنهم مسؤولين كبار في الدولة.
ويكشف هذا الحادث عن مدى تغلغل الميليشيات في مؤسسات الدولة الليبية، وتأثيرها على سير العدالة، كما يشير إلى ضعف مؤسسات الدولة، وعدم قدرتها على تطبيق القانون وفرض النظام.
ويثير أيضا تساؤلات حول مدى التزام من يحكمون الليبيين بتطبيق القانون ومكافحة الجريمة، كما يزيد من عدم الثقة في المؤسسات الليبية.
ولهذه الصور التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، تداعيات خطيرة فقد تؤدي إلى زيادة التوتر في المشهد السياسي وتزيد من الغضب الشعبي.
غير أن الجدل الدائر لم يكن وليد اللحظة، ولكنه استمرار لما أثارته قضية الإفراج عن أسامة نجيم، رئيس ما يسمى بـ”جهاز الشرطة القضائية”، بعد اعتقاله في إيطاليا رغم صدور مذكرة توقيف بحقه من المحكمة الجنائية الدولية، من تساؤلات حول دور حكومة الدبيبة في هذا الإفراج.
وتؤكد بعض التقارير وجود تدخلات من قبل هذه الحكومة للتأثير على السلطات الإيطالية، وهو ما أثار انتقادات واسعة حول مدى التزامها بتطبيق القانون واحترام قرارات المحكمة الجنائية الدولية.