أثار مقطع فيديو انتشر في ليبيا على نطاق واسع موجة غضب عارمة، حيث أظهر قيام مجموعة من الأشخاص، بينهم من يرتدون زيًا رسميًا تابعًا لوزارة الداخلية في حكومة الدبيبة، بـ “تدنيس” العلم الأمازيغي في شوارع طرابلس.

واعتبر الأمازيغ، هذا الفعل إهانة لرمزهم الثقافي، وأدانت حكومة الدبيبة هذا الفعل، وأكدت على اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المتورطين.

كما أكدت على احترامها للهوية الأمازيغية كجزء لا يتجزأ من الثقافة الليبية، ورفضها لأي محاولة لإثارة الفتنة.

فيما عبر العديد من الليبيين عن غضبهم واستيائهم من هذا الفعل، معتبرين إياه مساسًا بالوحدة الوطنية.

ودعا العديد من النشطاء إلى ضرورة محاسبة المتورطين، وضمان عدم تكرار مثل هذه الحوادث.

وذكّرت هذا الواقعة بحالة الغليان المكتوم بين الأمازيغ وحكومة الدبيبة، حيث تتصاعد حدة التوتر الأمني بين الأمازيغ وقوات الدبيبة، بشكل مستمر.

وتسود حالة من التوتر الأمني داخل المدن الواقعة غرب البلاد، نتيجة لتصعيد قبل واقعة العلم، بين مكونات الأمازيع والقوات التابعة لحكومة الدبيبة، عقب إعلان الأخيرة عن عدة قرارات للسيطرة على معبر راس جدير الحدودي مع تونس.

الحادث سلط الضوء على حساسية القضايا المتعلقة بالهوية الثقافية في ليبيا، وأهمية احترام التنوع الثقافي في البلاد، حيث شهدت ليبيا بعد أحداث 17 فبراير عام 2011 تحولات سياسية واجتماعية عميقة، كان لها تأثير كبير على وضع الأمازيغ.

ظن حينها الأمازيغ أن الفرصة باتت سانحة لهم للمطالبة بحقوقهم والاعتراف بهويتهم الثقافية واللغوية، ورغم مشاركته في أحداث 2011، إلا أنهم لم يحصلوا على تمثيل عادل في المؤسسات السياسية التي تشكلت بعد الأحداث.

وواجهوا صعوبات في الحصول على مقاعد في المؤتمر الوطني العام ومجلس النواب، وشعروا بأنهم مهمشون في عملية صنع القرار.

واستمر الصراع حول الاعتراف بالهوية الأمازيغية في مشروع الدستور الجديد، حيث طالب الأمازيغ بتضمين الدستور اعترافًا صريحًا باللغة الأمازيغية كثاني لغة رسمية في البلاد، وبحقهم في الحفاظ على ثقافتهم وتراثهم.

وفي ظل الفوضى الأمنية التي سادت ليبيا بعد 2011، تعرضت المناطق الأمازيغية لتهديدات أمنية من قبل الميليشيات المسلحة.

وواجه الأمازيغ صعوبات في حماية مناطقهم من الهجمات، واضطروا إلى تشكيل مجموعات مسلحة خاصة بهم.

ورغم بعض التقدم في الاعتراف بالثقافة الأمازيغية، إلا أن اللغة الأمازيغية لا تزال تواجه صعوبات في الحصول على اعتراف رسمي، ولا تزال المناهج التعليمية في ليبيا تتجاهل تاريخ وثقافة الأمازيغ.

وبذل الأمازيغ جهودا كبيرة في محاولات إيجاد متنفس لحقوقهم، وشكلوا منظمات ومجالس للدفاع عن حقوقهم، والمطالبة بالاعتراف بهويتهم الثقافية واللغوية، شاركوا في فعاليات ثقافية وإعلامية لإحياء اللغة والثقافة الأمازيغية.

ومارسوا ضغطوا على المؤسسات الدولية والمحلية للتدخل وحماية حقوقهم، لكن لا يزال يتعقد الوضع الأمازيغي في ليبيا، وتشتد وتتصاعد حدته في ظل استمرار الصراع السياسي والأمني في البلاد.

وتتزايد مخاوف الأمازيغ من تفاقم التهميش والتمييز الذي يعانون منه، ما لم يتم اتخاذ إجراءات فعالة لحماية حقوقهم.

Shares: