شهدت ليبيا تحولات جذرية في أوضاعها الاقتصادية منذ اندلاع أحداث 17 فبراير 2011؛ فبعد فترة من الاستقرار والنمو الاقتصاديين في ظل النظام السابق، دخلت البلاد في دوامة من الفوضى والصراعات المسلحة التي أدت إلى تدهور كبير في جميع جوانب الحياة الاقتصادية.
تضافرت عدة عوامل رئيسية أدت إلى هذا الوضع المتردي، ومنها عدم الاستقرار السياسي، بسبب الانقسام الذي نتج عنه تشكيل حكومتين متوازيتين، زادت من حالة عدم الاستقرار وعطلت اتخاذ القرارات الاقتصادية.
كما تسبب النزاع المسلح في تدمير البنية التحتية وتعطيل الإنتاج النفطي، وهو المصدر الرئيسي للدخل في ليبيا.
وتسببت النزاعات المسلحة في انخفاض إنتاج النفط من 1.6 مليون برميل يوميًا قبل 2011 إلى أقل من 400 ألف برميل يوميًا في عام 2023، وتسبب انخفاض الإنتاج في تراجع إيرادات النفط، مما أثر على الميزانية العامة للدولة وقدرتها على توفير الخدمات الأساسية.
كما تضررت البنية التحتية في ليبيا بشكل كبير، بما في ذلك الطرق والمطارات والموانئ، ويحول دون إعادة إعمارها غياب الإرداة السياسية وانتشار الفساد.
ويقف الفساد واستغلال من تناوبوا على السلطة، للفوضى وغياب الرقابة، جنبا إلى جنب مع تردي الأوضاع الأمنية والسياسية، لتعزيز مكاسبهم الشخصية، مما أدى إلى تفاقم الفساد في مؤسسات الدولة.
كما شكل ضعف المؤسسات الرقابية، حلقة محكمة قوضت من قدرة الدولة على مكافحة الفساد.
وارتفعت معدلات الفقر في ليبيا من 4.2% قبل 2011 إلى 40% في عام 2024، وزادت معدلات البطالة من 15% قبل 2011 إلى 17% في عام 2024.
وشهدت ليبيا ارتفاعًا كبيرًا في أسعار السلع الأساسية، مما أثر على مستوى معيشة المواطنين الذين يعانون من نقص في الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والصحة.
كما كشفت إحصائيات رسمية تزايد عدد المتسوّلين في ليبيا خلال الفترة الأخيرة، وهي ظاهرة غير جديدة، لكن المفاجأة والأمر الغريب أنّها أصبحت تشمل بدرجة أولى مواطني هذا البلد الغني بالنفط وذي الدخل المالي الكبير، خاصة فئتي النساء والأطفال.
وقبل أيام، أعلنت مديرية أمن طرابلس، عن ضبط 878 متسوّلا في العاصمة طرابلس خلال العام الماضي، بينهم 461 امرأة و221 طفلا، مشيرة إلى أن عدد الليبيين الذين جرى ضبطهم بلغ 329 متسولا، من بينهم 90 رجلا و178 امرأة و61 طفلا، بينما بلغ عدد المتسوّلين الذين يحملون جنسيات أجنبية 106 رجال و283 من النساء و160 طفلا.