شهدت ليبيا تدهورًا كبيرًا في الوضع الأمني عقب اندلاع أحداث 17 فبراير عام 2011، وتسببت حالة الفوضى وعدم الاستقرار السياسي في انتشار الجماعات المسلحة وارتفاع معدلات الجريمة والعنف في مختلف أنحاء البلاد.
وإبان الأحداث انهارت المؤسسات الأمنية “الجيش والشرطة”، ما أدى إلى فراغ أمني كبير، ملأته المليشيات المسلحة التي سطت على مقدرات ليبيا في مختلف مدنها.
غير أن النزاع المستمر منذ سقوط الدولة أدى إلى إضعاف الجهاز القضائي، ما ساهم بشكل كبير في انتشار الجريمة والإفلات من العقاب.
وأدى الانفلات الأمني إلى انتشار الأسلحة، مما زاد من قدرة الجماعات المسلحة على تنفيذ هجمات، كما ساهمت الحدود المفتوحة مع دول الجوار في تدفق الأسلحة إلى ليبيا.
وبعد أحداث 2011، تشكلت ميليشيات عديدة تفتقر إلى هيكل قيادي موحد وأهداف واضحة، وتنوعت أيدلوجيتها ما بين متخصصة في تهريب البشر أو الإجرامية التي تختطف على أساس الهوية وتسرق وتقتل لأبسط الأسباب.
كما وجدت الجماعات المتطرفة، في ليبيا ملاذا آمنا لها، حيث استغلت بعض الجماعات المتطرفة الفوضى لتعزيز نفوذها والانطلاق إلى دول جوار دون الخوف من الملاحقة الأمنية.
وشكل التدخل الأجنبي بندقية جاهزة مشرعة دائما لدعم أطراف النزاع، وقدمت بعض الدول الإقليمية والدولية دعمًا لأطراف مختلفة في النزاع الليبي، مما زاد من تعقيد الوضع.
وأدت الهجمات الإرهابية، والاشتباكات المسلحة نتيجة النزعات إلى مقتل وجرح آلاف الليبيين.
ونتيجة حالة الفوضى الأمنية التي سادت البلاد وأصبحت سمة لها، نزح ولجأ الملايين من الليبيين إلى مناطق أكثر أمانًا داخل ليبيا أو إلى دول الجوار.
ولعل أبرز الأسباب التي أدت إلى وجود سيولة أمنية كبيرة، هو الانقسام السياسي الحاد بين مختلف الفصائل والجماعات المتناحرة، والذي باتت تعاني منه ليبيا، مما أدى إلى صراعات مسلحة وتدهور الوضع الأمني.
وتفاقمت انتهاكات حقوق الإنسان، على نطاق موسع بما في ذلك عمليات القتل والاختطاف والتعذيب، سواء للمواطنين أو المهاجرين غير الشرعيين الذين يلجأون إلى ليبيا باعتبارها بوابة العبور إلى أوروبا.
ولا يزال الوضع الأمني في ليبيا يشكل تحديًا كبيرًا، ويتطلب تحقيق الاستقرار جهودًا متواصلة على جميع الأصعدة.
ويجب على الأطراف الليبية المتنازعة التوصل إلى اتفاق سياسي شامل، وإعادة بناء مؤسسات الدولة، ونزع سلاح الميليشيات، ومكافحة الإرهاب. كما يجب على المجتمع الدولي تقديم الدعم اللازم لليبيا في هذه المرحلة الصعبة.