غرقت ليبيا في حالة من الفوضى السياسية والنزاعات المسلحة، بعد سقوط الدولة الليبية إبان أحداث 17 فبراير عام 2011.
وأدت هذه الأحداث إلى تدهور كبير في الأوضاع الأمنية والإنسانية في البلاد، مما أسفر عن أزمة سياسية معقدة لا تزال مستمرة حتى اليوم.
حالة عدم الاستقرار السياسي والصراع المسلح، أدت بالتبعية إلى تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية في البلاد، فضلاً عن عرقلة جهود بناء دولة ديمقراطية مستقرة.
وبتتبع الأحداث التي شهدتها البلاد، فإن هناك دورا كبيرا لعبته التدخلات العسكرية والسياسية من قبل قوى خارجية في زعزعة استقرار ليبيا، أبرزها الحملات العسكرية التي شنها حلف شمال الأطلسي “الناتو” خلال الأحداث.
بالإضافة إلى تدخل المرتزقة السوريين والاستقواء بتركيا حليفا استراتيجيا للحكومات المتعاقبة في الغرب الليبي، وأخيرا الاحتلال الروسي للقواعد العسكرية التي تقع ضمن نفوذ خليفة حفتر، لتكون منطلقا لتوسيع الدور الروسي في أفريقيا وتقويض النفوذ الصيني والغربي في القارة السمراء.
وتعاني ليبيا من انقسام حاد بين مختلف الفصائل السياسية والمسلحة، مما يعيق التوصل إلى توافق وطني.
الصراع على السلطة والموارد
وتتنافس الجماعات المسلحة على السيطرة على السلطة والموارد الطبيعية في البلاد، مما يزيد من حدة الصراع.
وأجريت عدة انتخابات برلمانية، لكنها لم تسفر عن تشكيل حكومة موحدة مستقرة، حيث تم تشكيل حكومة الوفاق في عام 2016، لكنها واجهت تحديات كبيرة في فرض سلطتها على كامل البلاد.
وتم تشكيل حكومة عبدالحميد الدبيبة، عبر شبهات فساد طالت الكثير من الشخصيات التي شاركت في اختيار هذه الحكومة التي بدأت عملها في عام 2021، لكن ولايتها انتهت في عام 2022، وتصر على التمسك بالحكم متحججة بتسليم السلطة بعد إجراء الانتخابات الرئاسية.
وحتى المجلس التشريعي “مجلس النواب”، الذي اختاره الشعب الليبي عام 2014، انقضت ولايته في عام 2019، ولا يزال يحافظ على مكتسباته وامتيازات أعضائه ويتخذ دوره في صفوف معرقلي استقرار الدولة الليبية واستعادة كامل سيادتها بإنهاء التدخلات الخارجية.
ويشارك مجلس النواب الصفة التشريعية، المجلس الأعلى للدولة، الذي تم تشكيله في عام 2016، لكن ولايته انتهت أيضا، ويصارع في معركة الانقسام التي بدأت فصولها في أغسطس الماضي، بعد خلاف على ورقة اقتراع قسمته إلى فريقين أحدهما بقيادة خالد المشري متحالفا مع رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، والآخر بقيادة محمد تكالة وتدعمه حكومة الدبيبة.
ولا يزال الوضع السياسي في ليبيا مضطرب، حيث تتنافس حكومتان على السلطة، وتسيطر الجماعات المسلحة على مناطق واسعة من البلاد. وتواجه ليبيا العديد من التحديات.
وكي تحظى ليبيا بالاستقرار السياسي، يجب إجراء انتخابات حرة ونزيهة وتشكيل حكومة موحدة تحظى بدعم جميع الأطراف.
كما يتطلب تحقيق الاستقرار أيضا نزع سلاح الجماعات المسلحة ودمجها في مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية، بما يضمن توحيد المؤسسة العسكرية على كامل التراب الليبي، لحماية الأمن القومي.
ولا يزال مستقبل ليبيا غير واضح، لكن تحقيق الاستقرار السياسي والتنمية المستدامة في البلاد يتطلب جهوداً متضافرة من جميع الأطراف الليبية والمجتمع الدولي.