سلط موقع “إل بوست” الإيطالي، الضوء على حماية الحكومات الإيطالية المتعاقبة للمليشيات الليبية والتعاون معها، مؤكدا أن إيطاليا دعمت هذه المليشيات لضمان الوصول إلى موارد النفط والغاز الليبية، ووقف تدفق المهاجرين إلى أوروبا.

وقال الموقع في تقرير له، إن السلطات الإيطالية تموّل وتضفي الشرعية وتوفر الحماية لقادة المليشيات وعدد من المسؤولين في ليبيا منذ عدة سنوات، وقضية أسامة نجيم ليست سوى فصل جديد في سلسلة طويلة من جهود الدعم السياسي والدبلوماسي.

وأضاف التقرير، أن مثل هذه العمليات تنتهك في كثير من الأحيان القانون الدولي، خاصة أن ليبيا على مدار الـ15 عاما الماضية لم تكن تحكمها حكومات شرعية، بل كانت تحت سيطرة ميليشيات مسلحة متورطة في جرائم حرب محتملة، وعمليات تهريب غير قانونية، وانتهاكات ممنهجة لحقوق الإنسان.

وأوضح أنه منذ أحدث 2011، أقامت الحكومات الإيطالية المتعاقبة علاقات مع هذه المليشيات لسببين رئيسيين: أولا، الحفاظ على قناة وصول مميزة إلى آبار النفط وحقول الغاز الطبيعي في ليبيا، التي تسيطر عليها المليشيات؛ وثانيا تكليف تلك الأطراف بمهمة إيقاف المهاجرين بالقوة، عند محاولة الهجرة عبر البحر إلى إيطاليا.

وأشار إلى تخصيص أموال من الاتحاد الأوروبي لصالح ليبيا، حيث تم تمرير العديد من هذه الأموال بضغط من دبلوماسيين ومسؤولين إيطاليين داخل المؤسسات الأوروبية. فعلى سبيل المثال، بين 2015 و2022، قام ما يعرف بـ “الصندوق الائتماني الأوروبي للطوارئ من أجل أفريقيا” بصرف 465 مليون يورو على مشاريع في ليبيا، كان معظمها يهدف إلى مكافحة الهجرة.

ورغم أنه من الصعب تحديد المصير الذي آلت إليه هذه الأموال بمجرد وصولها إلى ليبيا، إلا أن تحقيقا نشر عام 2022 على موقع “إيربي ميديا”، كشف عن البنود التي صرف فيها مبلغ 20 مليون يورو من إجمالي الأموال ضمن بند “دعم إدارة الحدود والهجرة المتكاملة في ليبيا”، والذي يختص بمراقبة الحدود وإدارة تدفق المهاجرين.

وتم توزيع هذه الأموال على النحو التالي: 8.3 مليون يورو لشراء 20 زورقا سريعا بأحجام مختلفة، و3.4 مليون يورو لشراء 30 مركبة دفع رباعي، و14 سيارة إسعاف، و10 حافلات صغيرة، و5.7 مليون يورو لتمويل قطع الغيار وصيانة الأسطول البحري، ومليون يورو لتدريبات خاصة، ومليون يورو لتوفير 14 حاوية متنقلة.

وأضاف الموقع أن محكمة المحاسبات الأوروبية أشارت في تقرير صادر عام 2024، إلى خطر استخدام المعدات الممولة أوروبيا من جهات دخيلة، كما حذّرت من أن إجراءات التعاقد الغامضة التي أديرت بها هذه الأموال ربما قد أفادت المنظمات الإجرامية، أي الفروع التابعة للمليشيات، كما أنه من المحتمل أن الجزء غير القابل للتتبع من هذه الأموال قد تم نهبه من المليشيات لتمويل أنشطتها الخاصة.

انتهاكات خفر السواحل

وأكد التقرير أن تمويل المليشيات المنضوية تحت ما يسمى “خفر السواحل الليبي”، كان له تداعيات دولية بين عامي 2017 و2018، حيث عملت حكومتان إيطاليتان متعاقبتان، على الضغط من أجل إقناع المنظمة البحرية الدولية، للاعتراف بسلطة الحكومة الليبية في طرابلس -المدعومة من المجتمع الدولي- على منطقة البحث والإنقاذ في البحر المتوسط.

ووفقا للموقع، لولا الدعم الدبلوماسي واللوجستي من إيطاليا، لما حصلت ليبيا أبدا على منطقة للبحث والإنقاذ في البحر المتوسط معترف بها دوليا، وقد تم الاعتراف بفضل مذكرة تفاهم بين إيطاليا وليبيا تم توقيعها عام 2017 بين حكومة جينتيلوني وحكومة الوفاق السابقة برئاسة فائز السراج.

ويتم تجديد الاتفاقية تلقائيا كل ثلاث سنوات، ولم ترَ أي من الحكومات الإيطالية التي تعاقبت بعد حكومة كونتي الأولى ضرورة لطلب تعديلات عليها، بما في ذلك الحكومة الحالية بقيادة جورجيا ميلوني.

وأكد الموقع أن المليشيات التي تشكل ما يسمى “خفر السواحل الليبي” متواطئة منذ سنوات مع تجار البشر، وهي تنفذ عمليات اعتراض المهاجرين قبالة السواحل الليبية بأساليب عنيفة تعرض حياتهم للخطر.

وأضاف الموقع أن العلاقات الجيدة للحكومة الإيطالية مع حفتر امتدت لتشمل أيضا ابنه صدام حفتر، قائد ميليشيا طارق بن زياد، وأحد أقوى الشخصيات في شرق ليبيا. ففي صيف عام 2024، قام صدام حفتر بزيارة قصيرة إلى إيطاليا، وخلال عملية تفتيش تم احتجازه لمدة ساعة تقريبا في مطار نابولي، لكن سرعان ما تم الإفراج عنه وعاد إلى ليبيا دون أي مشاكل.

وفي عام 2022، نشرت منظمة العفو الدولية تقريرا اتهم مليشيا صدام حفتر بارتكاب “جرائم حرب وجرائم أخرى بموجب القانون الدولي ضد آلاف المعارضين والمنتقدين المفترضين أو الحقيقيين” على مدى سنوات.

Shares: