سلطت صحيفة أفينيري الإيطالية، الضوء على تفاصيل جديدة حول قضية أسامة نجيم آمر جهاز الشرطة القضائية، بعد توجيه استدعاء للتحقيق أمس لرئيسة الوزراء جورجيا ميلوني من قبل المدعي العام الإيطالي بتهمة التستر على الإجرام.

واستندت الصحيفة في تقرير لها، إلى مصادر دولية واستخباراتية عن شبكة النفوذ التي يمتلكها نجيم وعلاقاته الدولية، واستخدامه لعدة جنسيات ووثائق رسمية للتنقل بحرية بين الدول الأوروبية، بالإضافة إلى تورطه في إدارة مراكز احتجاز سرية تستخدم في استغلال المهاجرين.

وأشار التقرير إلى تمكن نجيم، من التحرك بسلاسة بين العواصم الأوروبية، رغم كونه مدرجًا على قوائم المراقبة الدولية، كما يسلط الضوء على تفاصيل اعتقاله المؤقت في إيطاليا، والظروف التي أدت إلى إعادته إلى ليبيا، وسط جدل سياسي ودبلوماسي واسع.

وكشف عن امتلاك نجيم جواز سفر من دومينيكا، بالإضافة إلى ثماني بطاقات مصرفية، ورخصة قيادة وجنسية تركية، وشركات وعقارات في الخارج، مؤكدا أنه كان يتحرك بسهولة بين الخداع والتواطؤ الدولي.

وأوضح أنه يحمل رخصة قيادة تركية ويقود سيارة ألمانية، ويحمل بطاقة هوية من جزيرة ملاذ ضريبي في جيبه، كما يحمل المفتاح الإلكتروني لشقة في مجمع الأثرياء بإسطنبول.

رجل الأعمال
وذكر أن نجيم الذي أُطلق سراحه بأمر من محكمة الاستئناف في روما وأُعيد إلى ليبيا على متن طائرة حكومية، هو أيضًا رجل أعمال على بطاقات عمله، ويقدم نفسه كـ”مدير عام” لشركتين خاصتين مقرهما في تركيا.

كما يمتلك أرقام هواتف أرضية في المملكة المتحدة وأونتاريو في كندا، بالإضافة إلى هاتفه المحمول برقم ليبي، والشركتين هما “الأصالة الذهبية 1” و”الأصالة الذهبية 2″، فيما لاتزال انشطتهما غير واضحة.

وبين التقرير أن نجيم دفع ثمن ساعته الجديدة “رولكس سبمارين” المصنوعة من الفولاذ بتاج أخضر، باستخدام إحدى بطاقاته المصرفية الثماني، والبالغ سعرها 9,000 يورو (63 ألف دينار ليبي)، ولكن ندرتها تجعل قيمتها تتضاعف ثلاث مرات، وهي قيمة تعادل ما لا يقل عن عامين من راتب ضابط ليبي.

مواطن تركي أيضًا
ووفقا للتقرير، لم يكن المال يشكل عائقًا لنجيم، فخلال جولته الشتوية في أوروبا من الجنوب إلى الشمال والعكس، حمل معه جميع الوسائل لمواجهة أي طارئ: بطاقتا فيزا كارد وست بطاقات ماستر كارد، اثنتان منها صادرتان عن بنوك بريطانية وست من مؤسسات تركية.

وفقًا لإحدى بطاقات هويته، التي اعتُبرت أصلية، يحمل نجيم أيضًا الجنسية التركية، كما تتيح له رخصته التركية، المختومة في أنقرة، استئجار السيارات والتنقل بحرية في جميع أنحاء أوروبا، بالإضافة إلى بطاقة الدخول إلى جناح فاخر في فندق ميلاني وهو فندق راقٍ مملوك لدار أزياء عالمية.

كما كشف التقرير أيضا، أن أسامة نجيم المتهم بارتكاب جرائم حرب وانتهاكات حقوق الإنسان يحتفظ أيضًا ببطاقة إلكترونية تتيح له الوصول إلى شقة في مجمع Mavera Park السكني، وهو مشروع فاخر على أطراف إسطنبول.

على القائمة السوداء للأمم المتحدة
وواصل التقرير بأن نجيم كان منذ فترة طويلة تحت مجهر المحققين الدوليين، بعدما طال التحقيق شركاءه وجمع المحققين شهادات من آلاف ضحاياه.

لقد تعلم نجيم درسًا من الذين سبقوه إلى القائمة السوداء للأمم المتحدة، مثل البيدجا قائد خفر السواحل والمهرب الذي قُتل في سبتمبر 2024، والذي فرض عليه مجلس الأمن عقوبات تضمنت تجميد أصوله، وحظر سفره، ومنع دفع راتبه، رغم أن الحكومة الليبية لم تلتزم بأي من هذه العقوبات.

ومنذ 15 أغسطس 2022، يحتمي نجيم بجنسيته الثالثة المعروفة، بعد الليبية والتركية: وهي جنسية دومينيكا، هذه الدولة ليست مجرد جنة طبيعية، بل أيضًا ملاذ ضريبي.

شراء جنسية دومينيكا
لكي تصبح مواطنًا لهذه الجزيرة التابعة للكومنولث، والتي يسمح جواز سفرها بالسفر دون تأشيرة إلى أكثر من 40 دولة، تحتاج إلى علاقات جيدة، دفع 100,000 دولار، فتح حساب مصرفي وإبقائه نشطًا ولا توجد ضرائب على الدخل من الخارج.

وفي حالة صدور مذكرة اعتقال، لا يمكن لرجال الشرطة من الدول الأخرى فعل الكثير في العاصمة الصغيرة روزو سوى الاستمتاع بالشمس بين جزر جوادلوب ومارتينيك المكونة لجزيرة دومينيكا.

مذكرة التوقيف
بهذه الوسائل، تمكن نجيم من التحرك في أوروبا دون إثارة الكثير من الشبهات في البداية، ومن المحتمل أن تكون وثائقه تعود لشخص يحمل نفس الاسم في تركيا أو منطقة الكاريبي، لكن من غير الواضح بأي وثيقة دخل أوروبا عبر رحلة الخطوط الجوية بين طرابلس وروما في 6 يناير.

وبين التقرير أن رخصته التركية، التي استأجر بها سيارة في ألمانيا، وخطته لإعادتها إلى مطار روما، أثارت إنذار المخابرات الألمانية وتسببت هذه المعلومات في تنبيه وحدة التحقيق التابعة للمحكمة الجنائية الدولية، والتي يعمل فيها أيضًا مسؤولون من السلطات الإيطالية.

وبحلول الوقت الذي صدرت فيه مذكرة التوقيف من الجنائية الدولية، كان نجيم قد وصل إلى إقليم بيدمونت في إيطاليا ولزيادة فرص القبض عليه، تم إرسال المذكرة إلى دول مثل فرنسا وألمانيا وبلجيكا، تحسبًا لمغادرته إيطاليا إلى وجهة أوروبية أخرى.

مراكز الاحتجاز
في الأيام الأخيرة، انتشرت شائعات، مدعومة بتصريحات رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، تفيد بأن نجيم ليس تاجرًا أو مهربًا للبشر ولا علاقة له بذلك، ولكن الأدلة الواردة في مذكرة التوقيف الدولية، بالإضافة إلى تقارير مفتشي الأمم المتحدة، تعطي صورة مختلفة.

ويسيطر نجيم وميليشياته على عدة سجون ومراكز احتجاز في ليبيا، حيث يُحتجز الإرهابيون والنشطاء والمعارضون السياسيون والصحفيون والمئات من المهاجرين الأجانب.

وأكبر مركزين هما سجن معيتيقة وعين زارة، وكلاهما في منطقة طرابلس وفي تقرير عامي 2022 و2023، كتب المحققون لمجلس الأمن الدولي: الانتهاكات تُرتكب كجزء من نظام تجاري غير قانوني تديره هذه الشبكة، بهدف تحقيق مكاسب مالية وغيرها من المهاجرين المحتجزين بشكل غير قانوني في تلك المنشآت.

المخطط الإجرامي
يستند هذا المخطط إلى أربع مراحل تشغيلية:
1. البحث عن المهاجرين واعتراضهم في البحر.

2. نقلهم من نقاط الوصول في ليبيا إلى مراكز احتجاز يديرها جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية.

3. إساءة معاملتهم في هذه المراكز.

4. إطلاق سراحهم بعد تعرضهم لسوء المعاملة.

ويتم إطلاق سراح المحتجزين وفق شروط محددة وتسليمهم مجددًا إلى مهربي البشر وهذه آخر حلقة في سلسلة الإتجار وقد كتب مفتشو الأمم المتحدة:

وحدد المحتجزون السابقون أسامة نجيم وشخص آخر يدعى عادل محمد علي المعروف بلقب الشيخ عادل كمسؤولين رئيسيين عن عمليات النقل غير القانونية للمهاجرين والعمل القسري في انتهاك للحظر المفروض على العبودية، وسوء المعاملة، والإهانات للكرامة الإنسانية بموجب القانون الإنساني الدولي.

وطلب المحققون في لاهاي من بعض ضحايا نجيم رسم خرائط تفصيلية لمراكز الاحتجاز، توضح مواقع الاستجوابات، والتعذيب، والاغتصاب، والاستعباد الجنسي وتطابقت هذه الرسومات مع الأدلة التي جمعها المحققون بشكل مستقل.

الطائرة الخاصة المنتظرة
قبل صعوده إلى الطائرة الحكومية الإيطالية التي انتظرته لمدة 8 ساعات يوم 22 يناير، بينما لم تكن محكمة الاستئناف في روما قد أصدرت قرارها بعد، استعاد نجيم جميع وثائقه، بما في ذلك شهادة الضمان الدولية لساعة Rolex الجديدة كتذكار من رحلته المنتصرة في أوروبا.

Shares: