خصصت قناة العربية حلقة تلفزيونية لتسليط الضوء على تاريخ ليبيا، متتبعة مسيرته الانتقالية من مرحلة الذاكرة الشفوية إلى التوثيق الأكاديمي، موضحة أن تاريخ البلاد ظل غامضًا وغير مدون بشكل منهجي حتى منتصف القرن العشرين.
وقال المؤرخ والباحث سالم الكبتي إن الجامعة الليبية، بعد تأسيسها، كانت رائدة في تشجيع الدراسات التاريخية، حيث أطلقت العديد من المشاريع التي تهدف إلى جمع وتوثيق التاريخ الشفوي. وفي هذا الإطار، تم تشكيل لجنة في الستينيات من القرن الماضي لتجميع التراث المادي وغير المادي، وكان الكبتي أحد أعضائها الرئيسيين.
وأوضح أن المصادر الشفوية تمثل ركيزة أساسية في بناء الرواية التاريخية الليبية، خاصة في ظل غياب التوثيق الرسمي في فترات سابقة. وقد بذل العديد من الباحثين جهودًا فردية لتوثيق تاريخ بلادهم، حتى في ظل الظروف الصعبة التي شهدتها ليبيا خلال فترة الاستعمار الإيطالي والعهد العثماني.
وأشار الكبتي إلى امتلاك ليبيا لموروث تاريخي غني ومتنوع، مما يجعلها بمثابة “فسيفساء تاريخية”. وقد كشف بحثه الميداني عن العديد من الحقائق والتفاصيل التي كانت مجهولة سابقًا.
كما أكد الكبتي على أهمية الشعر الشعبي كأحد المصادر المهمة لتوثيق التاريخ، مشيرًا إلى أن اللجنة التي عمل بها قد جمعت العديد من الدواوين الشعرية التي تعكس جوانب مختلفة من الحياة الليبية.
ولكن الكبتي انتقد بشدة المحاولات الاستعمارية لتشويه التاريخ الليبي، قائلا إن العديد من الدراسات التاريخية التي كتبها المستشرقون كانت متحيزة وغير موضوعية. وأكد على أهمية كتابة التاريخ الليبي بأيدي أبنائه، حتى يتمكنوا من بناء رواية تاريخية وطنية موثوقة.
كما أكد على ضرورة مواصلة الجهود البحثية لتكشف عن الكثير من الحقائق التاريخية التي لا تزال مجهولة، وذلك بهدف بناء مستقبل أفضل لليبيا.
ويرى الكبتي أن الأطماع الاستعمارية لم تنشأ من فراغ فكثير من الأحداث الأجسام تستوجب التوقف بإمعان عليها، الأمر الذي يستوجب البحث والتقصي بين آلالاف الوثائق والمخطوطات لتبيان ما خفي منها وماخفي عنوة.
وكشف النقاب عن الكثير من الوقائع التي جرت على الأرض الليبية لاستنباط عبر تكون عبر لليبيين في إدارة حاضر ومستقبل بلادهم.