تناولت منصة الطاقة المتخصصة ومقرّها واشنطن قصة حقل البوري النفطي الذي يمثّل 2% من إنتاج النفط اليومي في ليبيا، والذي أشعل الخلاف مع تونس.

وأوضحت المنصة في تقرير لها، أنه في سبعينيات القرن الماضي كانت ليبيا على موعد مع اكتشاف حقل البوري النفطي بالتعاون مع شركة إيطالية، ليَفتح الباب أمام نزاع طويل بين طرابلس وتونس، رغم إمكاناته الواعدة.

وتكمن أهمية حقل البوري في كونه أكبر الحقول النفطية في منطقة البحر المتوسط، بالإضافة إلى أنه يضم مشروعًا مهمًا للغاز المصاحب يُتوقع بدء الإنتاج منه في غضون عامين.

وأضاف التقرير أنه في عام 1974، وقّعت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط مع شركة إيني الإيطالية اتفاقية لتقاسم الإنتاج، تتضمن حقوقًا للتنقيب عن الموارد بريًا وبحريًا، من بينها حقل البوري.

ويُنظر إلى الحقل الخاضع لإدارة شركة مليتة للنفط والغاز بوصفه أول حقل بحري يُطَوَّر قبالة سواحل ليبيا، إذ اكتُشف بين عامي 1976 و1977، وبدأ إنتاجه عام 1988.

ورغم أن المشروع متعلق بتطوير حقل نفط بحري، فإنه اقترن بمشروع توسعة للاستفادة من موارد الغاز التي يمكن إنتاجها من حقل البوري، ويعدّ المشروع قيد الإعداد في الآونة الحالية تمهيدًا لإطلاقه عام 2026.

وتشارك شركة إيني الإيطالية في تطوير الحقل، وخضع لتقييمات عدّة خلال ثمانينيات القرن الماضي عبر منصتي حفر، ويبدو أن الشركتين الليبية والإيطالية توصّلتا خلال مرحلة تقييم الحقل إلى نتائج مبشرة، ما دفع الأولى للمطالبة بإعادة التفاوض على اشتراطات العقد لضمان جاذبية أكبر للإنتاج التجاري.

واتفقت الشركتان على خطة تطوير لحق البوري النفطي على مراحل، واستهدفت المرحلة الأولى إنتاج ما يتراوح بين 60 و70 ألف برميل يوميًا، خلال عام 2006.

خلال العام الماضي 2023، قدّرت مؤسسة النفط إنتاج حقل البوري بنحو 23.5 ألف برميل يوميًا، مشيرة إلى أنه يعدّ الأكبر والأهم من بين حقول النفط والغاز البحرية الخاصة بالبلاد.

وأشارت تقديرات أخرى إلى أن إنتاج 38 بئرًا في الحقل يصل إلى 30 ألف برميل يوميًا، مع امتداد عمقه إلى 3 آلاف متر.

وسجل الحقل -الواقع على بعد 120 كيلومترًا من ساحل ليبيا المطل على البحر المتوسط- ذروة إنتاجية عام 1995، ووفق تقديرات اقتصادية، سيستمر عمره الإنتاجي حتى عام 2041.

وحسب قاعدة بيانات حقول النفط والغاز لدى منصة الطاقة المتخصصة، تبلغ احتياطيات حقل البوري 4.5 مليار برميل من النفط القابل للاستخراج، بالإضافة إلى 3.5 تريليون قدم مكعبة من الغاز المصاحب.

وشهدت منصتا “دي بي 4″ و”دي بي 3” الإسهام بأول إنتاج نفطي من الحقل في أغسطس 1988، وتواصل الإنتاج خلال المرحلة الأولى، لتنطلق بعدها مرحلة التطوير الثانية، بالاستعانة بـ3 منصات، وحفر ما يقرب من 55 بئرًا جديدة.

وفي 2004، أسندت شركة أجيب (إيني حاليًا) إلى شركة سايبم الإيطالية أيضًا تطوير مرافق إضافية لحقل البوري بالتعاون مع شركة “هيونداي” الكورية الجنوبية، لتعزيز مشروع تطوير الحقل بوحدات معالجة ومرافق إضافية.

وألحقت بالمشروع وحدة عائمة للتخزين والتفريغ، في إطار مساعي تطوير أول خزان نفطي تحت سطح البحر في ليبيا، يضم 38 بئرًا.

الأزمة مع تونس

في الوقت الذي يُطَوَّر خلاله حقل البوري للنفط البحري في ليبيا على قدم وساق، كان الحقل سببًا محتملًا في إشعال بوادر أزمة جديدة بين طرابلس وتونس.

وانتقد الرئيس التونسي قيس سعيد، الفوائد المحدودة التي تحصل عليها بلاده من تطوير حقل البوري النفطي، مشيرًا إلى أنه تاريخيًا كان البلَدان تسيران باتجاه توقيع اتفاق لتقاسم إنتاج الحقل، إلّا أنه أُلغي مع إعلان الوحدة بينهما في يناير الثاني عام 1974.

وقال إنه لاحقًا شابَ التوتر العلاقات بين البلدين، واستعانت ليبيا بشركات أجنبية للتطوير، مضيفًا أن الحقل يمكنه تأمين احتياجات البلاد من الغاز والكهرباء.

وتمسكت ليبيا بقرار محكمة العدل الدولية الصادر في ثمانينيات القرن الماضي لصالح منحها حقوق تطوير أصول النفط والغاز، فيما عرف آنذاك باسم “قضية الجرف القاري”.

وأوضحت المحكمة حينها الحدود الفاصلة بريًا وبحريًا بين الدولتين، غير أن تونس تتبنّى مؤخرًا رأيًا يفيد بوجود عمق أكبر لحقل البوري داخل حدودها البحرية، ولم يُحتَسَب.

 

Shares: