تناولت لوموند ديبلوماتيك الألمانية، أزمة إدارة مصرف ليبيا المركزي بعد تفعيل المجلس الرئاسي قرارا بإقالة الصديق الكبير، الأمر الذي رفضته سلطات المنطقة الشرقية، لتقرر إغلاق حقول النفط كنوع من الضغط.
وأشارت الصحيفة في تقرير مطول لها ترجمته ج بلس، إلى عملية حصار مقر المصرف المطل على البحر في العاصمة طرابلس، من قبل مليشيا الردع بقيادة عبد الرؤوف كارة؛ لإجبار الإدارة السابقة للمركزي على تسليمه إلى إدارة أخرى مكلفة من قبل المجلس الرئاسي.
وأفادت بأن عناصر مليشيا الردع حطمت أبواب مبنى المصرف المركزي ومنحوا المحافظ الجديد حق الوصول إلى المكاتب الأنيقة، والتي وصفته بالمجبر بعدما عينه المجلس الرئاسي العاجز بالفعل، في تجاهل صارخ لسلطاته الرسمية، وفقا للتقرير.
ولفتت الصحيفة إلى فرار المحافظ “المخلوع” الصديق الكبير براً إلى تونس ومنها إلى تركيا، مبينة أنه منذ مزقت الحرب الأهلية المتجددة المؤسسات الليبية في عام 2014، كان الكبير دائمًا صاحب الكلمة الأخيرة في توزيع الإنفاق الحكومي.
وأوضح التقرير أنه كانت هناك محاولات عديدة لإقالة الكبير؛ فكلما التقى حفتر دبلوماسيين غربيين، كان يطالب برئيس المركزي، لينتهي مصيره بالإقالة على يد عبد الحميد الدبيبة الحليف السابق له والذي تعاون معه بشكل وثيق لفترة طويلة.
ونوه بأنه منذ منتصف عام 2023، اشتبك الكبير بشكل متزايد مع إبراهيم الدبيبة، المعين مستشار لعمه عبد الحميد، لكنه في الواقع العقل المدبر الفعلي للحكومة، والذي حافظ على علاقات وثيقة مع الجماعات المسلحة في طرابلس.
وأكد التقرير بأن الصراع بين الكبير وإبراهيم الدبيبة؛ كان بسبب طموحات الأخير واستخدامه غير القانوني لأموال الدولة، الأمر الذي تسبب في إغلاق النفط، ودخلت البلاد في أزمة اقتصادية حادة.
وأشار إلى المفاوضات بين مجلسي النواب والدولة برعاية البعثة الأممية لاختيار محافظ جديد للمركزي، وانتهت بالتوافق على تعيين ناجي عيسي في المنصب بالإضافة إلى مرعي البرعصي نائبا له.
ووفقا للتقرير، فإن الدراما المتعلقة بمصرف ليبيا المركزي تكشف عن السخرية الكاملة للأطراف الرئيسية وسعيهم الصارخ إلى المال والسلطة؛ وانتهازيتهم القاسية التي يشكلون بها تحالفات ويخونون حلفاءهم السابقين في هذه العملية؛ وعدم مبالاتهم بعواقب كل ذلك على الشعب الليبي.
وتظهر هذه العملية أيضاً كيف يمارس السياسيون المتغطرسون من أمثال الدبيبة، ألعابهم التكتيكية، لكنهم في نهاية المطاف يساعدون أمراء الحرب على اكتساب المزيد من النفوذ.
وتطرقت الصحيفة إلى استخدام المواطن الأمريكي خليفة حفتر لسلاح النفط من خلال تعطيل إنتاجه بشكل متكرر للحصول على مكتسبات، تمكن من فرض سلسلة تنازلات على المركزي ومؤسسة النفط وحكومة الدبيبة.
واسترسل التقرير بالإشار إلى الاتفاق بين صدام نجل حفتر وإبراهيم الدبيبة في يوليو 2022، على تعيين فرحات بن قدارة الموالي لحفتر رئيسًا لمؤسسة النفط، ومنذ ذلك الحين، استمرت صادرات النفط دون انقطاع.
وتابع مبينا أنه حفتر تلقى دفعات شهرية كبيرة من طرابلس؛ وفي الوقت نفسه، تمكن ابنه صدام من استخدام نفوذه على مؤسسة النفط لتوسيع نطاق تهريب الوقود المدعوم بشكل كبير، كما واصل حفتر الحفاظ على حكومته في شرق البلاد.
ورأت لوموند الألمانية أن هناك اختلافات كبيرة بين هياكل السلطة المتنافسة في الشرق والغرب، لافتة إلى استبداد حفتر الوحشي من ناحية، ومهارة الدبيبة في التعامل مع الميليشيات المتنافسة من ناحية أخرى.
كما لفتت أيضا إلى وجود أوجه تشابه مذهلة، مثل المحسوبية، فمليشيات حفتر التي يعتبرها قوات مسلحة هي شركة عائلية يشغل فيها أبناؤه وأقاربه مناصب قيادية ويستخدمون قوتهم العسكرية لإثراء أنفسهم من خلال المشاريع الإجرامية – وخاصة الابن الأصغر صدام.
كما تقدم عائلة الدبيبة نفسها كأسرة حاكمة؛ حيث يعد إبراهية الشخصية المهيمنة في طرابلس، كما أن العديد من أبناء العمومة والأصهار يشغلون أيضًا مناصب في السفارات أو البنوك الحكومية، ويشكو رجال الأعمال في طرابلس باستمرار من أنه لا يمكنك التعامل مع مؤسسات الدولة إلا إذا كنت تتمتع بدعم إبراهيم.
وأكدت الصحيفة أن العائلتان الحاكمتان تتشابهان في شهيتهما النهمة لنهب خزائن الدولة، ومع ذلك، فإن حفتر وأبنائه يتصرفون بوقاحة أكبر بكثير من عائلة الدبيبة، الذين لا يزال يتعين عليهم أن يأخذوا في الاعتبار مصالح الجهات الفاعلة الأخرى “المليشيات” في طرابلس.