سلطت صحيفة العرب اللندنية الضوء على الزيارة المرتقبة للرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني الرئيس الدوري للاتحاد الأفريقي، إلى ليبيا، يصحبه فيها رئيس الكونغو برازافيل دينيس ساسو نغيسو، رئيس اللجنة الأفريقية المكلفة بالأزمة الليبية، ورئيس المفوضية الأفريقية موسى فقي.
وأوضحت الصحيفة في تقرير لها، أن الزيارة تشمل طرابلس وبنغازي، وتتمحور حول رغبة الأفارقة في العمل على حلحلة ملف المصالحة الذي كان سيتم اتخاذ قرارات حاسمة بشأنه خلال مؤتمر تقرر قبل أشهر تنظيمه في أديس أبابا في منتصف أكتوبر الجاري.
وذكرت أن خلافات الفرقاء أدت إلى تأجيله لأجل غير مسمى، تمامًا كما حدث سابقًا مع المؤتمر الذي أقرت اللجنة التحضيرية التابعة للمجلس الرئاسي عقده في أواخر أبريل الماضي بمدينة سرت قبل أن تعصف به إرادة التعطيل ونزعة الميل إلى وضع العراقيل.
وأفاد التقرير بأنه لا مؤتمر سرت في الداخل انعقد، ولا مؤتمر أديس أبابا في الخارج انتظم، ورغم الجهود التي يبذلها الاتحاد الأفريقي منذ سنوات، إلا أن مختلف المؤشرات تؤكد أن قرار المصالحة لا يمكن أن يصدر إلا عن شخصيات ذات وزن اجتماعي وثقافي وسياسي، ولا أطماع لها في التمسك بالسلطة.
ووفقا للتقرير، لا تزال المصالحة بعيدة المنال، وكثيرة هي القوى الخارجية من إقليمية ودولية التي ترغب في ديمومة الوضع الحالي، حيث لا تريد للشعب أن يختار حاكمًا يمكن أن يستعيد استقلالية القرار الوطني وينهي سنوات التبعية لهذه العاصمة أو تلك.
وأكد أنه من الصعب جدًا الحديث عن مصالحة في ليبيا من دون اتخاذ الإجراءات وتحقيق التوافقات التي تضمن مصالح مختلف الأطراف المستفيدة من استمرار الوضع الحالي على ما هو عليه، والتي لا تستطيع نفي حقيقتها في أنها تميل إلى الإقصاء، وتنزع إلى العدوانية في علاقاتها مع الآخر.
وأشار إلى خضوع العاصمة لحكم آل الدبيبة، ومن ورائه المستفيدون من استمراره، والمنافحون عنه، حيث يطمح إلى ديمومة الكرسي في مكتبه بطريق السكة سنوات بلا عدد، والذي يعتبر نفسه أفضل ممن سبقوه.
ولفت التقرير إلى دور ابن عمه إبراهيم الدبيبة الذي يمكن اعتباره رئيس حكومة الظل، بل والفاعل الأساسي في الملفات الكبرى، والذي بات خلال الفترة الماضية ينسق مع سامي المنفي، شقيق رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ومبعوثه الخاص.
كما كانت لمشاوراته مع صدام حفتر نتائج حاسمة في عدد من القرارات التي فاجأت الرأي العام وأثارت جدلًا واسعًا في الشارع الليبي، من بينها قرار الإطاحة برئيس مؤسسة النفط مصطفى صنع الله في يوليو 2022 وقرار الإطاحة بمحافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير في أغسطس 2024.
وبالنسبة إلى المنطقة الشرقية، أفاد التقرير بأنها تكاد تكون دولة مستقلة بذاتها، تخضع لسلطة مركزية يديرها من ضاحية الرجمة ببنغازي خليفة حفتر ومن ورائه أبناؤه الممسكون بالملفات الأساسية، وأبرزهم الابن الأصغر صدام، والذي قد يتم تعيينه خلال الأسابيع القادمة في رتبة نائب القائد العام.
كما أن عائلة حفتر باتت تضع يدها على كافة مواقع صناعة القرار ومختلف المجالات الحيوية في مناطق نفوذها سواء بشرق البلاد أو وسطها أو جنوبها، ومن ذلك سيطرتها على أغلب المنشآت النفطية من حقول إنتاج وموانئ تصدير.
وأضاف التقرير أن الزيارة المنتظر أن يؤديها الوفد الأفريقي، ستكون خطوة مشكورة من الاتحاد، ولكنها لن تثمر عن أي نتيجة إيجابية، ولن تفتح باب المصالحة الذي لا يزال مغلقًا منذ العام 2011.
ووفقا للتقرير، بات خلال العامين الماضيين، أبرز هدف لحفتر وفريقه هو محاصرة الدكتور سيف الإسلام القذافي وأنصاره، ومنعهم من التحرك، والتأكيد أن لا مجال للسماح لأنصار النظام الجماهيري بالتطلع للمشاركة في العملية السياسية أو العودة إلى الحكم، وكل من يقول غير ذلك مصيره السجن.
كما أن لا مجال لانتقاد مواقف أو تصرفات حفتر أو أسرته أو التساؤل عن إيرادات النفط أو عن أموال إعادة الإعمار، وكل من يخالف ذلك يكون مصيره كمصير عضو مجلس النواب إبراهيم الدرسي الذي تم اختطافه منذ مايو الماضي، والذي يرجح الكثير من أقاربه أن يكون عرف مصير النائبة سهام سيرقيوة التي تم تغييبها منذ العام 2019 وتبين لاحقًا أنها اغتيلت.
وبين التقرير أنه في ظل الواقع المتشعب فإن من يحكمون في طرابلس ومن يحكمون في بنغازي غير مستعدين للمصالحة لاسيما مع تشكل دكتاتورية على الأرض تسيطر على مؤسسات الدولة وتبسط نفوذها على الثروة، وتمتلك القدرة على اختراق المجتمع بوضع يدها على لقمة عيش المواطنين البسطاء.
وختم بالتأكيد أن المصالحة لا تزال بعيدة المنال، وكثيرة هي القوى الخارجية من إقليمية ودولية التي ترغب في ديمومة الوضع الحالي.