لا تزال أصداء الصراعات السياسية على المصرف المركزي، تتوالى وتنذر بخطورة الأوضاع على النظام المالي الليبي، ما قد يدفع البلاد إلى عزلة دولية تفرض عليها بواقع عدم الاستقرار على محافظا للمصرف.

وتبرز مخاوف الخبراء والمحللين في صلاحيات الصديق الكبير التي تؤهله لإغلاق المنظومة المالية بأكلمها ما يدفع الشعب الليبي إلى مزيد من المعاناة التي يعيش فيها منذ إندلاع أحداث الفوضى في البلاد.

واعتبر الدكتور إمراجع غيث وكيل وزارة المالية السابق، أن قرار المجلس الرئاسي بإقالة الصديق الكبير من منصب محافظ المصرف المركزي كان خطأ فادحًا.

وأكد غيث خلال تصريحات متلفزة عبر فضائية “بوابة الوسط” أمس الثلاثاء، أنه على المجلس الرئاسي إعادة النظر في هذا القرار حفاظًا على استقرار النظام المالي الليبي.

ونصح الصديق الكبير بالتنحي لمصلحة الوطن، خاصة وأن بقاءه في المنصب يخالف القانون ويتسبب في مزيد من الانقسام.

وحذر غيث من أن الصراع على المصرف المركزي قد يؤدي إلى تجميد التعاملات المالية الدولية مع ليبيا، مما يعرض الاقتصاد الوطني لخطر كبير.

كما استنكر اقتحام مبنى المصرف المركزي بالقوة، مؤكدًا أهمية الحفاظ على حيادية المؤسسة المالية لخدمة جميع الليبيين.

وشدد الدكتور إمراجع غيث على أهمية النظام الوطني للمدفوعات، والذي يخدم ملايين الليبيين، وحذر من عواقب تعطل هذا النظام.

وأشار إلى أن اتفاق الصخيرات ينص على آلية توافقية لتعيين الشخصيات السيادية، مثل محافظ المصرف المركزي، وأن أي خروج عن هذا الاتفاق قد يؤدي إلى تدخل دولي.

وأوضح أن الصديق الكبير لا يزال يسيطر على أنظمة المصرف المركزي، بما في ذلك كلمات المرور الرئيسية، مما يجعل من الصعب استبداله دون إحداث فوضى مالية.

وتصاعدت أزمة المصرف المركزي، بعد تكليف المجلس الرئاسي، عبد الفتاح عبد الغفار، نائب المحافظ بمهام المحافظ وأعماله، بدلاً من محمد الشكري الذي اعتذر عن عدم قبول المنصب بسبب الانقسام السياسي في البلاد.

وبينما خاطب عبد الغفار موظفي المصرف للعودة إلى أعمالهم، طالبت الإدارة السابقة للمصرف برئاسة الصديق الكبير، جميع موظفيه بعدم الوجود بمقر المصرف، لحين إخطارهم بخلاف ذلك.

واعتبرت الإدارة السابقة، عبد الغفار مُغتصب صفة نائب المحافظ من دون سند قانوني، وبالمخالفة لقرارات السلطة التشريعية والاتفاق السياسي، في جريمة يُعاقب عليها.

وأبلغ الصديق الكبير عملاءه في الداخل والخارج، بتوقف كل الخدمات بسبب الظروف الاستثنائية القاهرة، وحذّر مجدداً من أن ما يحدث سيعرّض المصرف وعلاقاته الدولية وأنظمته للخطر، على خلفية هذه التطورات.

وتقدّم الكبير بشكوى جديدة إلى النائب العام، بتغيير ملكية النطاق الخاص بالمصرف إلى بريد إلكتروني لا ينتمي إليه، مؤكدا أن أي تغيير على هذا المستوى يتطلّب إذناً من الجهات الفنية المختصة.

واستأنف الموقع الرسمي الإلكتروني للمصرف عمله مجدداً، مع توقف الصفحة الرسمية على فيسبوك عن العمل، بعد حذف جميع مسؤولي الصفحة منها، عقب خطف مسلحين في العاصمة عدداً منهم.

من جهتها، دعت بعثة الأمم المتحدة لتعليق القرارات التي وصفتها بالأحادية بشأن المصرف المركزي ورفع القوة القاهرة عن حقول النفط، معربة عن أسفها لما آلت إليها الأوضاع في ليبيا.

وأكدت البعثة في بيان لها، أن الإصرار على هذه القرارات أو مواصلة اتخاذ المزيد منها ستكون له كلفة باهظة على الشعب الليبي، وسيعرض البلاد لخطر الانهيار المالي والاقتصادي.

وشددت على اعتزامها عقد اجتماع طارئ تحضره الأطراف المعنية بأزمة مصرف ليبيا المركزي للتوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، وعلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة العامة.

Shares: