سلط مركز ISPI لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الضوء على مستجدات الأزمة الليبية القائمة منذ أحداث فبراير 2011، منطلقا من المستجدات التي تضمنت التحركات العسكرية لمليشيات المواطن الأمريكي خليفة حفتر نحو الجنوب الليبي.
وأفاد المركز في تقرير له بعنوان “ليبيا: من الجمود إلى الأزمة؟”، بأن مناورات قوات حفتر على الحدود مع الجزائر والصراع على السلطة من أجل السيطرة على المصرف المركزي تثير القلق، في حين أن المأزق السياسي العسكري يهدد بالانتقال إلى حالة عدم استقرار جديدة.
ووصف التقرير، الأزمة الليبية بالمأزق الذي لا نهاية له، مبينا أنه بعد مرور 13 عاماً على إسقاط النظام الجماهيري، لا يبدو أن ليبيا قد وجدت السلام، وتجد نفسها اليوم منقسمة، ومهملة بشكل متزايد من قبل الأجندات الرئيسية للأمم المتحدة.
وتطرق التقرير إلى التحركات العسكرية لمليشيات حفتر نحو جنوب ليبيا، مما أثار توترات في الغرب ومخاوف في الجزائر المجاورة، في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في 2020.
ولفت التقرير إلى تصاعد الأحداث أيضا بعد قرار المجلس الرئاسي بإقالة الصديق الكبير محافظ المصرف المركزي، مبينا أن المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني خوري، كانت أول من استنكر الوضع المتوتر وذلك خلال إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي.
وانتقدت خوري في إحاطتها، تدهور الوضع في ليبيا خلال الشهرين الماضيين، موضحة أن الإجراءات الأحادية التي اتخذتها الجهات السياسية والعسكرية والأمنية أدت إلى زيادة التوتر، وفاقمت الانقسامات المؤسسية والسياسية وعقدت الجهود الرامية إلى التوصل إلى حل تفاوضي.
وأوضح التقرير أن خريطة القوة في ليبيا اليوم معقدة للغاية، مع تقاطع الجهات الفاعلة والمصالح السياسية والعسكرية بشكل متزايد، مشيرا إلى وجود حكومتين متصارعتين على السلطة؛ أحداهما في طرابلس ومدعومة دوليا والأخرى في طبرق ومدعومة من مجلس النواب.
وأشار إلى اقتراح المبعوث الأممي السابق عبدالله باتيلي، مطلع عام 2023، خطة لإجراء انتخابات تشريعية ورئاسية خلال العام للخروج من المأزق السياسي، لكن الخطة فشلت واستقال، تاركا القيادة المؤقتة للبعثة الأممية في ليبيا للأمريكية خوري.
ونوه التقرير إلى زيادة الانقسام السياسي في ليبيا بعد قرار المجلس الرئاسي بإقالة محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير، معتبرا أنها خطوة مفاجئة من المرجح أن تزيد من تأجيج التوترات في البلاد.
وبين أن تدهور العلاقات بين الكبير والدبيبة يقف وراء قرار الرئاسي بإقالة الأول، والذي كان خائفًا من استبداله، ولهذا السبب أصبح “أقرب” إلى فصيل برقة.
وذكر التقرير أن حالة الهدوء النسبي التي شهدتها ليبيا خلال السنوات الأربع الماضية لا تعني تحقيق السلام النهائي في البلاد، فرغم غياب اشتباكات كبيرة بين غرب وشرق البلاد منذ وقف إطلاق النار عام 2020، لا يمكن وصف الوضع بأنه قد تم حله.
وأكد وجود مشكلتين رئيسيتين تسيطران على سكان المنطقتين وتفاقمتا خلال فترة السنوات الأربع؛ وهما ارتفاع معدل الفساد وعسكرة الإقليم، موضحا أنهما عاملين جعلا من ليبيا “دولة مافيا” تهيمن عليها نخب سياسية وعسكرية لا تتبع إلا مصلحتها الشخصية، دون أدنى اهتمام بالتوصل إلى اتفاق.
ودعا في النهاية إلى عدم الاستهانة بالوجود المتزايد لما يقرب من 1800 من المرتزقة الروس الموجودين في برقة لدعم حفتر، محذرا من اندلاع حرب أهلية مجددا.