قال مصطفى الزائدي رئيس حزب الجبهة، إن حل مشكلة منفذ رأس جدير لا يتم بإشعال حرب، بل بإنهاء الميليشيات كفكرة وكوجود، لأنها نقيض وجود الدولة مهما كانت نوايا تلك الميليشيات ومهما كانت طيبة المنتسبين إليها، ومهما كان سلوك قادتها.

وأضاف الزائدي في تدوينة عبر حسابه على فيسبوك، أن فتنة المنافذ أخطر بكثير مما يتصوره البعض، وعلى النخبة الوطنية أن تنتبه لها، خاصة وأن هناك أوداجًا خارجية تنفخ فيها وتصب الزيت على النار.

وتابع أن ‏من أهم مقومات الدولة سيطرتها على حدودها وإدارتها لمنافذها البرية والبحرية والجوية من خلال مؤسسات وطنية تتمثل في أجهزة الجوازات والجمارك والأجهزة الأمنية المختلفة، لكن “الربيع العربي” الذي دمر بلدانًا عربية كثيرة.

واستطرد: استهدف فيما استهدف تدمير كيان الدولة، بإلغاء سيطرتها على حدودها وفتحها على مصراعيها لكل من هبَّ ودبَّ، وهذا يتضح بشكل واضح في سوريا والعراق وليبيا، فحدود هذه الدول تدار بواسطة مجموعات مسلحة غير نظامية لمصلحة دول أخرى جارة أو بعيدة.

وأوضح الزائدي أنه في ليبيا سيطرت الميليشيات الجهوية التي تكونت عقب انهيار مؤسسات الدولة بسبب التدخل العسكري للناتو على الحدود، وتحولت من منافذ للدولة إلى منافذ لمدن ومناطق بعينها في كل الحدود الليبية حتى عام 2016، ففي المنطقة الغربية التي توجد بها منافذ أكثر أهمية، سيطرت الميليشيات في مصراتة على ميناء ومطار مصراتة وهكذا ميليشيات الخمس والزاوية وزوارة ونالوت.

وواصل قائلا: الميليشيات المتحكمة في ميناء ومطار طرابلس حولت المنافذ بطرابلس إلى وسائل لجمع الأموال، ولعلنا نتذكر ما قاله أحد الميليشياويين قبل ما يسمى حرب فجر ليبيا إن مطار طرابلس أهم من أكبر وزارة في ليبيا.

وأكمل: اليوم تقرع طبول الحرب بين العرب والأمازيغ بالترويج لكون منفذ رأس جدير حقًّا طبيعيًّا لزوارة، وبدون الغوص في أصول الزوارية العرقية والاجتماعية فإن زوارة وجيرانها من القبائل الأخرى كانوا يعيشون من دون أي مشاكل، ولم يسجل التاريخ لا البعيد ولا القريب أي صراعات بأي حجم بين سكان تلك المنطقة التي أصبحت حدودية بعد سيطرة فرنسا على تونس وإيطاليا على ليبيا.

واستطرد: رأس جدير في الواقع حد بين المستعمر الفرنسي الإيطالي، أما السكان في المنطقة من صبراتة إلى قابس فهم مترابطون عرقيًّا واجتماعيًّا، ينتمي أغلبهم إلى قبيلة واحدة، وبينهم تواصل وعلاقات اجتماعية واسعة، ولو سلمنا جدلًا بالقول إن الأمازيغيين يشكلون سكان بعض المناطق بها، فإن جربة وزوارة متجانستان، كما أن مدنين وصبراتة والعجيلات والجميل متجانسة أيضًا، وكانت هذه المنطقة بوابة لتسهيل الحركة بين المواطنين وتسهيل التجارة.

وأردف: بعد 2011، سيطرت الميليشيات في زوارة على المنفذ واعتبرته من الغنائم التي أوصى بها مفتي المجموعات التي شاركت مع القوى الأجنبية في تدمير الدولة الليبية، واعتبروها بوابة لهم، واليوم تحاول الحكومة المفروضة من المجتمع الدولي السيطرة على منفذ رأس جدير، وتواجه برفض قوي من ميليشيات زوارة، وتستند إلى ذلك الحق وإلى قوتها المسلحة وتفرض وجودها في منفذ رأس جدير، محاولة إخراجهم من المنفذ بالقوة ما يعني إشعال حرب مع مجموعة قبلية معينة.

واسترسل: هذا قد يؤدي إلى فتنة أوسع انتشارًا وإشعال حرب أهلية بنوع مختلف بين العرب والزوارية والجبالية في سابقة ستسجل في التاريخ الليبي، وأنبه إلى خطورة اللعب على هذا الوتر الحساس، فحل مشكلة المنافذ يكمن في تأسيس مؤسسات أمنية وطنية تسيطر على كل المنافذ.

وأغلق المعبر البريّ في 19 مارس الماضي إثر اشتباكات بين المليشيات وقوات أمنية تابعة لوزارة الداخلية بحكومة الدبيبة، وفي 20 يونيو الحالي، وفُتح جزئيا لعبور الحالات الإنسانية المستعجلة والبعثات الدبلوماسية، لكن لم تستأنف الحركة بشكل كامل أمام المسافرين والتجّار.

وتأجّل فتح المعبر من الجانب الليبي بسبب قيام مليشيات من مدينة زوارة بإغلاق الطريق الساحلي المؤدي إلى المنفذ الحدودي، وأقاموا حواجز ترابية لمنع حركة المرور، احتجاجا على قرار عماد الطرابلسي وزير الداخلية بحكومة الدبيبة تسليم إدارة المعبر إلى السلطات الأمنية في مقابل تقديم وعود تنموية في المنطقة.

وتمثّل منطقة رأس جدير الحدودية “شريان حياة” لكل المناطق المتاخمة لها من الجانبين التونسي والليبي، وكانت تشهد نشاطا كثيفا لمرور المسافرين والشاحنات والسيارات.

Shares: