قدمت دراسة أجراها المعهد البولندي للسياسة الخارجية، تحت عنوان «فيلق أفريقيا.. نسخة جديدة من الوجود العسكري الروسي»، تفسيرات للتطورات الأخيرة في طبيعة الوجود العسكري والاقتصادي والمعلوماتي الروسي في القارة الأفريقية.

وذكرت الدراسة أنه بعد وفاة مؤسس فاغنر يفغيني بريغوجين في أغسطس العام 2023، توقف نشاط المرتزقة الروس في ليبيا، بعد تأثر «فاغنر» بتغيرات الحسابات السياسية الروسية، ثم وقعت مليشيات المواطن الأمريكي خليفة حفتر اتفاقا عسكريا جديدا مع موسكو في سبتمبر العام 2023.

ورجحت مصادر اعتمدت عليها الدراسة أن يشمل الاتفاق تمركز السفن الروسية في ميناء طبرق عبر قاعدة يجري بناؤها حاليا، كما سعى حفتر إلى الحصول على أنظمة دفاع جوي وتدريب للطيارين والقوات الخاصة.

وبحسب الدراسة الأوروبية، في بداية عام 2024، قُدّر عدد العسكريين الروس في ليبيا بنحو 800 مقاتل، ووفق تحقيق أجراه المشروع الفرنسي «كل العيون على فاغنر»، كانت هناك عملية إعادة انتشار مكثفة لهؤلاء الأشخاص المرتبطين بالجيش الروسي في ليبيا خلال الأشهر القليلة الأخيرة، ونتيجة لذلك، في أواخر أبريل وأوائل مايو، وصل عددهم إلى 1800 عنصر.

وجرى إعادة نشر بعض المقاتلين من الفيلق الأفريقي الذين وصلوا حديثاً إلى ليبيا في النيجر، أما بالنسبة للمرتزقة السوريين فقد وزعوا بمعدات عسكرية على عشرة مواقع على الأقل شرق ليبيا بما في ذلك الخروبة والخادم والجفرة وطبرق وأجدابيا وودان والمرج، كما أُنشئ مركز لتدريب الشركاء المحليين بالقرب من بنغازي، حيث يُعتقد أنه يقوده أربعة روس كانوا مسؤولين سابقًا عن العمليات في سوريا.

وأوضح المعهد البولندي كيف ترافقت الزيادة في عدد القوات مع إطلاق مقاربة سياسية روسية جديدة في ليبيا، فبالتزامن مع هذا التحرك كثفت موسكو الاتصالات مع حكومة الدبيبة، إذ ترغب روسيا في تحقيق المصالحة بين الأطراف المتناحرة وإعادة توحيد ليبيا بحكم الأمر الواقع.

ويشير المعهد إلى أهمية ليبيا لروسيا، خاصة قاعدة الجفرة الجوية، كمركز لوجستي آخذ في النمو، مرجحا أن تكون قادرة على نقل قوات الفيلق الأفريقي إلى دول جنوب الصحراء الكبرى إذا لزم الأمر.

وأكدت الدراسة أن وفاة بريغوجين لم تُضعف وجود روسيا في منطقة الساحل، بل عززت من خلال الفيلق الأفريقي الذي يوصف بأنه «جوهر» سياسة موسكو، فقد سيطر جهاز المخابرات العسكرية في موسكو ودائرة الأمن الاتحادية للاتحاد الروسي ودائرة الاستخبارات الخارجية على عمليات «فاغنر» وأسهمت في خلق الجهاز الجديد.

وبينت أن الارتباط بالدولة يعطي رؤية طويلة المدى، حيث يشير مؤلفوها على سبيل المثال إلى الإعلان قبل عدة أسابيع عن انتشار الفيلق في النيجر، أو تعزيز قدراته في ليبيا، متابعين أن هناك تغييرا جوهريا، فبينما عملت فاغنر باستقلالية نسبيا، يتوافق الفيلق الأفريقي تماما مع مصالح الدولة.

وكشف المعهد الهولندي، عن نشر ستة آلاف مرتزق اليوم في القارة، ويسعى الفيلق إلى رفع الرقم في أفريقيا مستقبلا ليصل إلى 40 ألف متعاقد.

وتسعى روسيا لتوسيع نفوذها العسكري في القارة السمراء، ومنحه شرعية الوجود الرسمي والعلني في مواجهة الحضور الأوروبي والأمريكي، وذلك من خلال تدشين فيلق أفريقيا.

Shares: