تشهد ليبيا اليوم 11 يونيو الذكرى الرابعة والخمسين على طرد القواعد الأمريكية من البلاد عام 1970، ليكون يوما وطنيا عظيما يعرفه الشعب الليبي وتحفظه ذاكرة الآباء والأجداد، بما يمثله من عزة وكرامة لشعب عظيم.
ويذكر التاريخ الليبي المضىء، إنه بعد قيام ثورة الفاتح العظيم سبتمبر 1969، تغير الوضع وبدأت المفاوضات لإنهاء الوجود العسكري الأجنبي فوق الأراضي الليبية، فتم طرد القواعد العسكرية البريطانية والأمريكية والإيطالية في عام واحد.
وكان عدد القواعد الأمريكية، في ليبيا 4 قواعد أكبرها قاعدة ويلس، مع سكن وعمل بالقاعدة الضخمة، لأكثر من 4600 أمريكي، إلى جانب قوة أخرى في ثوب مدني تضم جيشاً من بقايا الاستعمار الاستيطاني الإيطالي يمتلكون كل شيء له قيمة على الأرض الليبية.
وكشفت وثيقة مفرج عنها من قبل المخابرات المركزية الأمريكية، بتاريخ 3 أغسطس 2005م، قبول الحكومة الأمريكية الانسحاب من قاعدة ويلس الجوية بطرابلس بعد لقاء جمع مجلس قيادة ثورة الفاتح العظيم، وممثلين عن الولايات المتحدة بتاريخ 11 ديسمبر 1969م.
وأكدت الوثيقة إجبار الأمريكان من قبل القيادة الليبية، ممثلة في القائد الشهيد معمر القذافي، على سحب قواتهم وقواعدهم من ليبيا خلال 100 يوم.
وفي الوقت الذي يحيي الليبيون الذكرى 54 لإجلاء القواعد الأمريكية عن ليبيا، فإنهم يتذكرون الصفعة التي تم لطمها القائد الشهيد على وجه المستعمر البريطاني قبلها في مارس من نفس العام 1970 وطرد القواعد البريطانية، ثم بعدها بشهور قليلة طرد القواعد الإيطالية.
ولا تزال الكلمات التي قالها القائد، وقت طرد القواعد البريطانية خالدة في آذان الليبيين وأذهانهم، بأن الجمهورية العربية الليبية غير المملكة الليبية المتحدة، وإن المملكة الليبية المتحدة غير الإمبراطورية البريطانية التي لا تغرب عنها الشمس.
وأوضح أن عام 1969 يختلف عن عام 1953 الذي عقدت فيه المعاهدة، والاحتلال العسكري شىء مرفوض منذ بدء الخليقة، وأن المعاهدات والصداقات والتعاون أمور لا يمكن أن تبنى في ظل السيف وتحت أزيز الطائرات وهو أمرا يقوله القانون الدولي قبل أن نقوله نحن.
وبالعودة إلى التاريخ، فقد أقامت الولايات المتحدة قواعدها في ليبيا رسميا بموجب اتفاقية وقعتها حكومتها في 9 سبتمبر 1954، بعد مفاوضات بدأت في السنة الأولى من الاستقلال، مع حكومة محمود المنتصر، أول حكومة ليبية تشكّل بعيد إعلان الاستقلال، ثم صادق عليها مجلس النواب الليبي في 30 أكتوبر 1954.
وفي العام 1966، وأمام الضغط الشعبي المتزايد الرافض وجود القواعد الأجنبية في ليبيا، قاد وزير الخارجية الليبي -آنذاك- حسين مازق مفاوضات مع الجانبين البريطاني والأمريكي بشأن جلاء قواعدهما من ليبيا، لكن المفاوضات لم تستمر.
وفي العام 1970، وعقب إسقاط النظام الملكي، دخل نظام ثورة الفاتح العظيم في مفاوضات مع الطرف الأمريكي بشأن إنهاء معاهدة وجوده في هذه القاعدة، وما تبعها على الأراضي الليبية، أسفرت عن انسحابه من القاعدة، وتسليمها إلى الحكومة الليبية، وجرى تنفيذ ذلك في 11 يونيو 1970، وهو اليوم الذي صار يعرف بذكرى جلاء القواعد الأمريكية عن الأراضي الليبية.
وتسعى الولايات المتحدة إلى استنساخ الماضي بإقامة قاعدة عسكرية لها في ليبيا، حيث حذر المحلل السياسي الليبي عز الدين عقيل، من بإنشاء قاعدة عسكرية أمريكية على الأراضي الليبية على غرار القاعدة التي طردها القائد الشهيد معمر القذافي بعد ثورة الفاتح.
وأكد عقيل، أن واشنطن ستعيد استنساخ ما جرى قبل 24 ديسمبر 1952، قائلا: ستدخل الدولة الليبية على القاعدة الأمريكية، والقاعدة يجب أن تكون سابقة الوجود على وجود الدولة الليبية الرسمية القادمة، المجهولة الشكل والصورة حتى هذه الساعة.