اتسعت دائرة المنادين بدق جرس الإنذار في ليبيا بعد أن قررت بوركينا فاسو تأميم أحد أهم المشاريع المشتركة في سياق تنفيذ خطة إصلاح مالي واقتصادي، في ظل النظام العسكري القائم بزعامة الرئيس إبراهيم تراوري، ما يكبد البلاد المزيد من الخسائر.
وأفادت صحيفة العرب اللندنية، في تقرير لها، بأن خطوة تأميم بوركينا فاسو مشروعا مشتركا مع ليبيا أثارت جدلا داخل الأوساط الليبية، بالنظر إلى تداعيات الخطوة، التي قد تؤثر على استثمارات أخرى لليبيا في العديد من البلدان الأفريقية.
ووفق بيان صادر عن مجلس وزراء بوركينا فاسو الأسبوع الماضي، فإنه بعد 36 عاما من العمل، لايزال البنك يواجه صعوبات كبيرة لا تسمح له بتحقيق أهدافه بشكل مناسب، حيث لوحظ عدم كفاية الدعم، الذي يقدمه الجانب الليبي.
ورفضت ليبيا مرارا جميع المبادرات، التي اتخذها الجانب البوركينابي من زيادة رأس المال، ودعم تعبئة الموارد، وفتح رأس المال، وتوفير الموارد في شكل حسابات جارية للمساهمين، رغم أنها ضرورية.
وأمام تلك العراقيل، قررت بوركينا فاسو في ديسمبر الماضي، مراجعة اتفاقية إنشاء المصرف، وهي ترى أن جميع الأحكام الواردة في الاتفاقية قديمة.
وحمّل وزير الاقتصاد البوركينابي أبوبكر نكانابو، الشريك الليبي مسؤولية صعوبة عمل البنك، قائلا: لم يقدم الدعم المنتظر لسلاسة تشغيل المصرف، مضيفا أنه بعد مناقشات غير ناجحة، قررت بوركينا فاسو تأميمه.
القرار الأحادي المفاجئ قد يدفع ليبيا إلى اتخاذ مواقف سياسية أو قانونية أو اللجوء إلى القضاء المتخصص لاستصدار الحكم المناسب.
وفي فبراير الماضي، زار فتح الله الزني إلى واغادوغو في إطار انعقاد الدورة الخامسة للجنة المشتركة الكبرى للتعاون المشترك، لمناقشة إيجاد حل بديل يرضي الطرفين.
وأعربت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالتعاون الإقليمي ستيلا كابري خلال اجتماع مع الزني عن أسفها قائلة لم تنجح التعديلات التي تم إجراؤها ولا المحاولات المتعددة للإصلاحات في إعادة البنك إلى المسار الصحيح.
وبعد أن واجه المصرف منذ سنوات صعوبات تشغيلية كبيرة، لم يعد ممكنا أن يحقق أهدافه بشكل مناسب والامتثال لمتطلبات اللوائح المصرفية المعمول بها في بوكينافاسو وفي المناطق التي ينشط فيها.
واعتبرت عضو ملتقى الحوار السياسي آمال بوقعيقيص ما وصفته بالاستيلاء على حصة ليبيا في المصرف بمثابة جرس إنذار، وقالت: ينبغي عدم السكوت ويجب حشد الاتحاد الأفريقي لحفظ حقوقنا واستخدام مصطلح التأميم خاطئ تماما علينا ألا نقع في الفخ.
وأشارت إلى أن ليبيا لم تكن مستعمرا ولكنها دخلت مستثمرا ويجب في حال المماطلة اللجوء إلى التحكيم التجاري الدولي وهذا جرس إنذار يقرع على كافة الاستثمارات الليبية في الخارج، للأسف سياسات اقتصادية غاشمة ولإهدار الثروة الليبية وجوه عدة.
وينتظر المراقبون ما قد يصدر عن ليبيا من مواقف سياسية أو قانونية إزاء القرار المفاجئ، أم إنها ستتجه إلى القضاء المتخصص لاستصدار الحكم المناسب.
وأقدمت حكومة بوركينا فاسو على خطوة صعبة بتأميم المصرف العربي الليبي للتجارة والتنمية، وهو المؤسسة المالية التي تم إنشاؤها عام 1984 بالشراكة بين البلدين جاء هذا القرار بعد سنوات من الخلافات والصعوبات التي واجهها المصرف في عمله.
وبررت قرارها بضرورة “ضمان حوكمة أفضل للبنك”، حيث اتهمت الشريك الليبي بعدم تقديم الدعم المالي الكافي لتشغيل المصرف وتحقيق أهدافه بشكل ملائم.
وزار وفد ليبي برئاسة الوزير في حكومة الدبيبة فتح الله الزني واغادوغو، في شهر فبراير الماضي، وخلال انعقاد الدورة الخامسة للجنة المشتركة الكبرى للتعاون بين بوركينا فاسو وليبيا وقتها نظر الطرفان في مسألة صعوبات عمل المصرف العربي الليبي للتجارة والتنمية.
وأوضحت أن الصراعات بين الشركاء حول اختيار المدير العام والإصلاحات الهيكلية كانت مستمرة، حيث كانت ليبيا ترفض تلك الإصلاحات حتى لو ثبت أنها ضرورية. كما رفضت ليبيا جميع مبادرات بوركينا فاسو لزيادة رأس مال المصرف وتعبئة الموارد وفتح رأس المال.