تعاني ليبيا من الإجهاد المائي، وعدم توفر موارد مائية متجددة، وهذه المشكلة دقت ناقوس الخطر منذ سنوات، إلا أن الجهات المعنية لم تتخذ أي إجراءات لإيجاد حلول عملية لها تجد طريقها للتنفيذ.

واستمرت المشكلة حتى وصلت ليبيا إلى المركز السادس بين أكثر الدول التي تعاني من ندرة المياه في العالم، حيث بلغ مستوى الإجهاد المائي 817% عام 2020، فيما اعتمدت 50% من الأسر على المياه المعبأة.

وأفاد تقرير لمعهد الموارد المائية بأن ليبيا وتونس والإمارات واليمن والعراق ومصر والأردن والسعودية وسوريا على قائمة الدول التي ستعاني إجهادا مائيا بحلول العام 2050.

فيما صنف تقرير لمعهد الموارد المائية الدولي، ليبيا من بين أكثر الدول المهددة بـ”الإجهاد المائي”، محذرًا من مخاوف جديدة تتعلق بتعرض البلاد لنقص حاد في مياه الشرب والزراعة خلال سنوات قليلة، في ظل شح الموارد المائية الطبيعية بالبلاد والاستنزاف الكبير للمياه الجوفية، خصوصا في مناطق الجنوب الذي يوفر أكثر من 70% من الإمدادات المائية.

وأشار التقرير إلى وضع ليبيا من بين 25 دولة في العالم تتعرض حاليا لإجهاد مائي مرتفع للغاية، مؤكدة أن البلاد تحتاج إلى خطط طموحة من أجل الاستغلال الأمثل لثرواتها المائية، والتوسع في عمليات تحلية مياه البحر لتخفيف الضغط عن المياه الجوفية المتمثلة في مشروع النهر الصناعي، أحد أكبر المشروعات التي تهدف إلى نقل المياه من الصحراء إلى الحضر.

أما الأمم المتحدة فوضعت ليبيا في المرتبة الـ20 ضمن تصنيف الدول الأكثر تضررا من نقص المياه، متوقعة معاناة البلاد من أفدح إجهاد مائي في العالم.

التقرير الأممي أشار إلى أن ليبيا تحتل الصدارة على المستوى العربي في معدل استهلاك المياه، إذ يقدر استهلاك الفرد في البلاد بنحو 2392 لترا يوميا، موضحة أن كميات المياه المستهلكة في ليبيا تقدر بثلاثة أضعاف معدل استهلاك الفرد في نظيراتها من الدول العربية، على رغم شح الإمكانات المائية في البلاد.

كما أكد التقرير الأممي أن ما يزيد من خطورة الاستهلاك المتصاعد للمياه في البلاد، أن كثيرا من الاستخدامات غير مستدامة، وكثيرا من الأعمال الزراعية تكون بأشكال تقليدية ولا يراعى فيها الاستخدام المقنن للمصادر المائية.

أما البنك الأفريقي للتنمية فأشار إلى امتلاك ليبيا 105 أمتار مكعبة للفرد لكل سنة من المياه المتجددة، لتسجل بذلك ثامن أدنى مستوى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ما يعني استهلاك الفرد 1686 لتر مياه يوميا، فيما تصل كمية الاستهلاك الزراعي 1332 لترا يوميا، وهو أعلى من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والمستويات العالمية والاستهلاك الصناعي يصل إلى 67 لترا في الثانية، وهو أعلى من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

يأتي ذلك في وقت يهطل على 7% من البلاد فقط حوالي 100 ميلليمتر من الأمطار سنويا.

نتيجة هذا الكم من التقارير التي تحذر من استمرار تجاهل الأزمة، برزت الحاجة إلى إيجاد مقترحات للحلول السريعة والعملية ومن بين هذه الحلول توصية قدمتها دراسة علمية في المؤتمر العلمي للموارد المائية والأمن المائي بضرورة رفع كفاءة منظومة النهر الصناعي.

وتعد المياه الجوفية هي أحد أهم موارد المياه العذبة الصالحة للشرب والزراعة في ليبيا وهي موجودة في الأحواض الرسوبية في أربع مناطق هي الكفرة ومرزق والحمادة في الجنوب، وسرت في الوسط، والتي يواجه ثلاثة منها مخاوف من النضوب بسبب الاستهلاك الجائر.

ومن بين الحلول المطروحة أيضا بناء السدود للسيطرة على جريان المياه إلى البحر، ومعالجة مياه الصرف الصحي، حيث بدأت ليبيا خلال العام الماضي في التفاوض مع شركات صينية لتشغيل حقول المياه قرب بنغازي المعطلة منذ سنوات.

من جانب آخر، طرحت حلول تتعلق بتحلية مياه البحر لتخفيف العبء عن المياه الجوفية في ليبيا، ويبرز هذا الخيار بشكل كبير كأحد الحلول المهمة، خاصة مع امتلاك البلاد خطاً ساحلياً طويلاً يمتد لقرابة 2000 كيلو متر، ومع ذلك لا تملك إلا محطة تحلية واحدة عاملة في خليج البنمبة شرق مدينة درنة.

ورغم أهمية هذا المشروع لتعزيز مصادر المياه الصالحة في ليبيا، فإنه لم ينفذ على رغم صدور قرار تنفيذي منذ عام 2012 بإنشاء محطة تحلية في بنغازي بقدرة 400 ألف متر مكعب، وطرابلس 500 ألف متر مكعب، ومصراتة 200 ألف متر مكعب.

Shares: