سلط تقرير لصحيفة ديلي إكسبرس البريطانية، الضوء على الصراع الداخلي في ليبيا في أعقاب رحيل القائد الشهيد معمر القذافي، والفساد النفطي وتهريب الوقود والذي أدى إلى خسارة سكانها للموارد الطبيعية في البلاد.

وأوضح التقرير، أنه منذ أحداث 17 فبراير 2011 انقسمت ليبيا بين صراع بين حكومة الدبيبة المدعومة من الأمم المتحدة، والمناطق في الشرق والجنوب التي يسيطر عليها المواطن الأمريكي خليفة حفتر.

وأكد أنه في حين كانت أوروبا نائمة عن الفساد الليبي في قطاع النفط، كانت روسيا يقظة، وفقًا لمصادر مطلعة، فإن “الفيلق الأفريقي” الروسي، المعروف سابقًا باسم “مجموعة فاغنر”، يأخذ حصة لنفسه من النفط الليبي لدعم أهدافه المناهضة للغرب في القارة.

وعلى هذا النحو، أصبحت ليبيا المنصة الرئيسية لأنشطة الفيلق الأفريقي لمواصلة إثارة الصراع في دول جنوب الصحراء الكبرى مثل السودان ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى، وقد أدى ذلك أيضًا إلى تهدئة الأجواء لشراكة المصلحة بين حفتر وبوتين.

ويستغل بوتين هذه الفرصة لتوسيع نطاق مدينة طبرق، في شرق البلاد، لتكون موطنًا جديدًا على البحر الأبيض المتوسط لغواصاته النووية، مما يشكل تهديدًا جديدًا للجناح الجنوبي لأوروبا ويسرع الفساد الليبي، كل ذلك بينما تقف المؤسسة الوطنية للنفط متهمة بسوء الإدارة الكبير.

وأوضح التقرير أنه مع انشغال الغرب بالغزو الروسي غير القانوني لأوكرانيا والتصعيد في الشرق الأوسط، فقد تُرك هذا الفساد دون رادع، ومع اشتدادها، فإن تداعياتها تطرق أبواب أوروبا.

وشدد التقرير، على أنه لا تزال ثروة ليبيا من حقول النفط هي المفتاح لنموها كدولة، ولكن على الرغم من هذه الإمكانات الهائلة، فإن السكان لم يستفيدوا بعد، وبعيدًا عن اللاعبين المسؤولين، فإن شركات الطاقة العالمية المنخرطة في العمل في حقول النفط الليبية تفشل أحيانًا في القيام بثقلها في محاولة المساءلة.

وتابع التقرير: “هذا هو الحال بشكل واضح مع حقل النفط NC-7 في حوض غدامس، وهو احتياطي نفطي ضخم يحمل إمكانات هائلة لتطوير إنتاج النفط الليبي”.

وأكمل التقرير: “قد سلط التدقيق الذي أجراه ديوان المحاسبة الليبي الضوء على المخالفات المحيطة بعقد تطوير NC-7، هناك مخاوف من أن الصفقة تم الاتفاق عليها بشكل خاص مع أربع شركات نفط عالمية كبرى دون عملية مناقصة مفتوحة، وبشروط تضر بالليبيين”.

وذكر أن المؤسسة الوطنية للنفط يمكنها العمل بمفردها في منطقة مكتشفة مثل NC-7 حيث سيكون التطوير رخيصًا وسريعًا وسهلاً. ويثير هذا تساؤلات حول الأسباب التي قد تدعو إلى دعوة اتحاد دولي غير قادر على المنافسة إلى هذا المزيج ــ ومن الذي سيستفيد منه.

وأوضح أنه من المؤسف أن NC-7 لا يمثل سوى قطرة في محيط أوسع من الفساد النفطي المحتمل والصفقات الخاصة. وفي حقل الظهرة النفطي، تم إنشاء كيان صغير، تم إنشاؤه في البداية باسم “إسناد”، في عام 2021 بقيمة تسجيل تبلغ 10 آلاف دولار فقط، ومع ذلك، مُنحت إسناد إمكانية الوصول إلى عقد تبلغ قيمته مئات الملايين من الدولارات ويرتبط بشركة طاقة أمريكية بارزة وقيادة المؤسسة الوطنية للنفط، يقول المطلعون إن إسناد لديه دوافع خفية ستشهد مرة أخرى استفادة الأشخاص الخطأ من هذا المشروع.

ودفع هذا السلوك السري الليبيين إلى دق ناقوس الخطر، بما في ذلك وزير النفط الذي تم فصله مؤخراً، محمد عون، الذي اقترح أن يقوم الدوليون المعنيون بفحص شركائهم الليبيين والترتيبات المقابلة بشكل كامل.

وأفاد التقرير، بأنه على الرغم من الإجراءات القوية، تم استبدال وزير النفط السابق بخليفة عبد الصادق، وهو رجل عضو في مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، ويرأس العديد من مجالس إدارة حقول النفط ولجان الإشراف، ولم يثر بعد نفس المخاوف بشأن إسناد.

وبالنسبة للغرب فإن هذا يمثل تحدياته الخاصة، ومع ابتعاد الممارسات النفطية عن الرقابة العامة، فإن هذا يجلب تحديات لاحقة إلى شواطئ أوروبا، ويشكل صعود تهريب الوقود تهديدا خطيرا لقدرة ليبيا على الحفاظ على التزاماتها التعاقدية المتعلقة بالوقود والنفط تجاه الدول الأوروبية.

على هذا النحو، يقول المطلعون على بواطن الأمور إن الفوضى المالية لقطاع النفط والغاز يمكن أن تؤدي إلى توقف الصنابير عن دول مثل إيطاليا في غضون أسابيع؛ وهي نتيجة غير متوقعة تركتها أوروبا إما دون أن يلاحظها أحد أو تعترض عليها.

وأكد التقرير، أنه في الوقت الحالي، يتم استيراد الكثير من الوقود من روسيا، من خلال وسطاء صغار في تركيا، وينتهي به الأمر في أوروبا بشكل غير قانوني عبر طرق التهريب المختلفة.

وبلغت تكلفة تهريب الوقود وفقًا لمصرف ليبيا المركزي 6 مليارات دولار في عام 2022، وهي بلا شك عقبة رئيسية أمام تنمية بلد شهد إخفاقات في البنية التحتية، مثل انهيار سد درنة، مما أدى إلى وفاة العديد من المواطنين، وبقيت البلاد على ركبتيها.

تشكل ليبيا الآن خطراً على الغرب لم يسبق له مثيل، ولا يمكن أن تمر لامبالاة أوروبا والنفوذ الروسي المتزايد دون رادع، ويجب النظر في فرض عقوبات على الأفراد والكيانات بشكل واضح في قلب هذا الفساد.

ولن يتسنى تحقيق إمكانات مستقبل ليبيا إلا من خلال تسليط الضوء على هذه الأمور، وخاصة في قطاع النفط البالغ الأهمية.

ولا ينبغي لهذه القضايا أن تتطور إلى تهديد لأوروبا، بل ينبغي لها بدلاً من ذلك أن تحفز على إقامة شراكة جديدة.

وباعتبارها المنتج الرئيسي الحالي للنفط في أفريقيا، فإن هذه الثروة النفطية لا يمكنها انتشال السكان من الحرمان فحسب، بل يمكنها أيضًا دعم أوروبا في قضايا إمدادات الوقود التي خلفها الصراع في أوكرانيا.

ومن الممكن أيضاً أن يمنع ظهور تهديدات جيوسياسية جديدة لأوروبا نتيجة لتدخل بوتين المستمر، ويوجه ضربة لطموحاته العالمية من خلال الحد من نفوذه.

Shares: