أكد مجلسَ البحوثِ والدراساتِ الشرعيةِ التابع لدار الإفتاء، أن الوجودَ الروسيَّ المسلحَ على الأرضِ الليبيةِ، المتمثلَ في فيلَقِ أفريقيا، يُعدُّ احتلالًا، وغزواً للبلادِ مِن دولةٍ كافرةٍ معتديةٍ.
وأفادت الدار، في بيان لها، بأن دماءُ أهلِ طرابلسَ ما زالتْ شاهدةً على ما ارتكبه الروس مِن قتل الآلافِ مِن الليبيينَ عام 2019، وعلى جرائمِهم بتلغيمِ البيوتِ ومحتوياتِها، حتَّى ألعاب الأطفالِ، التي ذهبَ ضحيتَها الأعدادُ الكبيرةُ منهم.
وأوضحت أنّ الجهادَ ضدَّ هذهِ القواتِ الغازية المعتديةِ، واجبٌ شرعاً على أهلِ ليبيا، وبخاصةٍ كتائب فبراير، التي وقفتْ في وجهِهِم في الماضِي، وكبدتْهُمُ الهزائمَ المنكرَة، داعية كلِّ مَن يملكُ المالَ أو السلاحَ أو القرارَ، أنْ يعينَهم على ذلكَ؛ لإخراجِ العدوّ المحتلّ، وإخراجِ مَن أتَى به.
وشددت على أنه يجبُ التنبهُ والتحذيرُ مِن أنَّ وجوبَ هذا الجهادِ الدفاعيِّ ضدَّ القواتِ الروسيةِ، لا يعنِي الوقوعَ تحتَ سيطرةِ محتلٍّ آخرَ، سواء كانَ أمريكَا أو الاتحادَ الأوربيَّ أو غيرَهم من الدول، فإنَّ جهادَ المحتلين لا يجوزُ أن يكونَ تبديلَ محتلٍّ بمحتلٍّ آخر.
وذكرت أن استنكار دولِ الغربِ وعلى رأسهم أمريكا للوجودِ الروسيِّ، والتظاهرُ بالتعاونِ مع الليبيينَ على مقاومتهِ، هو كاذبٌ، يجبُ ألَّا ننخدعَ به، فإنه مجردُ تبادلِ أدوارِ، فالكفرُ ملةٌ واحدةٌ، وأطماعُهم في بلادنا واحدةٌ، متابعة: قد رأينا ما فعلوهُ ببلاد عربيةٍ أخرى في سوريا وغيرِها، وفيما يتعلقُ بدعمِهمُ المباشرِ للعدوِّ الصهيونيّ في فلسطين.
وواصلت الدار: رأيناهم في سوريا يتظاهرونَ بالخلافِ، ولكنه خلافٌ في الوسائلِ، وأهدافُهم التي انتهوا إليها في تدميرِها واحدةٌ، لم يخرجوا منها إلَّا بعد أن تأكدَ لهم أنها صارتْ دولةً فاشلةً، ميؤوساً منها، ولن تقومَ لها قائمةٌ، وبعد أن مكَّنُوا لعميلٍ لهم فيها، يقومُ بما يريدونهُ من تدميرِ كلِّ ما بقيَ مِن معالمِ الدّين، وإرادةِ الحياةِ الحرةِ الكريمةِ.
واسترسلت: يجبُ شرعاً عند احتلال الكفرةِ لبلادِ المسلمينَ، والقيامِ بواجبِ الجهادِ في مقاومتهمْ، أنْ تضبَطَ مسألةُ الاستعانةِ عليهم بالمسلمينَ أو بغيرِهِم بضوابطِها الشرعيةِ، وعلى رأسِها أنْ تكونَ الكلمةُ النافذةُ والقرارُ لأصحابِ الأرضِ، المقاومِينَ لهم، لا للواقعينَ تحت نفوذِهم، أو المتعاونينَ معهم، ولا لمَن أتَى بهم ومكَّنَهم من بلادِنا، كما هو الحالُ في الاحتلالِ الروسيّ، الذي استقوَى به علينَا مَن تحالف معهم، ومكَّنَ لهم مِن احتلالِنا.
وتسعى روسيا إلى إنشاء ما يسمى بـ«فيلق أفريقيا» العسكري على الأراضي الليبية، والذي كُشف عنه مطلع عام 2024 ليكون بديلا عن مجموعة «فاغنر» الروسية الخاصة.
وتحتضن ليبيا مقره المركزي، بينما يتوزع الفيلق بين 5 دول إفريقية هي ليبيا وبوركينا فاسو ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر.
وجاء اختيار ليبيا مقرًا مركزيًا للفيلق لعدة عوامل منها: نشاط عناصر فاغنر سابقا في مدينة سرت التي تبعد 450 كيلومترا شرق العاصمة طرابلس.
ومن ضمت عوامل اختيار ليبيا أيضا لتكون مقرا للفيلق، ارتباطها بساحل البحر المتوسط، وهو موقع استراتيجي لضمان خطوط الإمدادات العسكرية وتحركات العناصر التابعة للفيلق إلى الدول الأفريقية الأخرى.
كما تسعى روسيا لتوسيع نفوذها العسكري في القارة، ومنحه شرعية الوجود الرسمي والعلني في مواجهة الحضور الأوروبي والأمريكي.
وتتبع إدارة الفيلق الأفريقي، سلطة الإدارة العسكرية الروسية مباشرة، ويشرف عليه الجنرال يونس بك إيفكوروف، نائب وزير الدفاع الروسي.
بينما تتكون النواة الأساسية للفيلق من مجموعات فاغنر، إذ تم دمج عناصر منها في قيادات الصفين الثاني والثالث داخل الفيلق، إضافة إلى مزيد من العناصر في نطاق قوة عسكرية لا تقل عن 40 إلى 45 ألف مقاتل.