يواجه الوضع السياسي المتأزم في ليبيا تعقيدات كبيرة في ظل عدم وجود رغبة حقيقية للوصول بالبلاد إلى بر الأمان.

وحذر خبراء في تصريحات نقلتها وكالة “الأناضول” التركية من مخاطر الاندفاع نحو انتخابات دون معالجة القضايا الأساسية المسببة لعدم الاستقرار، أبرزها غياب دستور للبلاد، مطالبين بفرض عقوبات على الأفراد الذين يعرقلون تقدم العملية السياسية خاصة المواطن الأمريكي حفتر.

غياب دستور للبلاد

بدوره، دعا الباحث التركي فرحات بولات، إلى ضرورة التركيز في العواقب المحتملة للاندفاع نحو انتخابات ليبية دون معالجة القضايا الأساسية التي تساهم في عدم الاستقرار، ولعل أهمها غياب دستور للبلاد.

الأمر الذي اعتبره الباحث قضية مركزية في التحديات التي تواجهها ليبيا، على اعتبار أنه سيؤدي إلى خلافات بين الأحزاب بشأن قوانين الانتخابات وأهلية المرشحين علاوة على ذلك، ويزيد من تعقيد الوضع.

تأجيل العملية السياسية في ليبيا

وزعم أنه على الرغم من الثمن السياسي والاقتصادي الذي يكلفه تأجيل العملية السياسية في ليبيا، إلا أنه من الجيد التأكد من تنظيم وتسوية ما من شأنه أن يعثر سير العملية أو يعرقلها بعد الانتخابات.

ودعا المجتمع الدولي إلى إعطاء الأولوية القصوى لتوفير الأمن وتعزيز سيادة القانون وتعزيز الشعور بالهوية الوطنية، وإصدار دستور جديد في ليبيا.

ولفت إلى يتعين على الأمم المتحدة أن تمتنع عن إدامة النهج الذي يركز على النخبة، ولا بد من النظر في فرض عقوبات على الأفراد الذين يعرقلون تقدم العملية السياسية، مشيرا أنه دون هذه التدابير، ستستمر دورة الاضطرابات السياسية في إفادة الطبقة الحاكمة على حساب مصالح الشعب الليبي، وفق تقديره.

حفتر يرى أن العملية السياسية تهدد مصالحه

واعتبر الباحث، أن الصف الأول للطبقة السياسية المتمثلة أساسا في رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، والمواطن الأمريكي خليفة حفتر، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، وعبد الحميد الدبيبة، قد فشلت في الانخراط في مناقشات هادفة لإيجاد أرضية مشتركة، خاصة حفتر الذي يرى أن العملية السياسية تهدد مصالحه.

وأدى ضعف مؤسسات الدولة وخاصة الأمن إلى جانب تزايد انتشار الجماعات المسلحة، إلى زيادة الحافز للتنافس على السلطة.

ونتيجة لذلك، فإن الجمود السياسي المستمر لا يزال يخدم مصالح الشخصيات العسكرية مثل حفتر.

الميليشيات المسلحة والمقاتلون الأجانب

وفي الوقت نفسه، تستمر الميليشيات المسلحة والمقاتلون الأجانب ذوي المصالح الاقتصادية الخاصة في النشاط بحرية، مما يقوض أي محاولة لتركيز سلطة مركزية. بحسب المقال.

وقال إنه على الرغم من الانقسام الكبير بين الأطراف المتنافسة فإنه عادة ما يجد الطرفان أرضية مشتركة لتقاسم الأرباح عند توزيع دخل النفط، إلا أنه وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، فإن السلطات في الجانب الشرقي، حيث تقع معظم حقول النفط، الواقعة تحت سيطرة حفتر، يمنع المحطات النفطية من الإنتاج حتى يتم التوصل إلى قرار.

وأكد التقرير، أن حفتر يستخدم الحصار النفطي كوسيلة ضغط ضد الحكومات المدعومة من الأمم المتحدة، ففي عام 2020 مثلا قامت المجموعات المسلحة الخاضعة لسيطرته بحصار محطات النفط الرئيسية في شرق ليبيا لمدة 8 أشهر، حيث أشارت التقديرات إلى خسائر مالية بلغت حوالي 11 مليار دولار.

وقال إن سيطرة كل طرف على جزء من الموارد يغذي الانقسام في الوضع السياسي الراهن بالإضافة إلى استقواء المجموعات المسلحة التي تستخدم مؤسسات الدولة الضعيفة لصالحها.

المؤسسات الرسمية أدوات لتعميق الانقسام

في نفس الوقت، أصبحت المؤسسات الرسمية أدوات لتعميق الانقسام وترسيخ الصراع بدلاً من التوفيق بين احتياجات ومطالب الأطراف مع تلك الضرورية لبناء الدولة، بحسب المقال.

ويرى الباحث، أنه وبعد مرور 13 عاماً على الصراع الليبي، فإن العنصر الأكثر أهمية لاستعادة البلاد يعتمد في المقام الأول على توحيد المؤسسات الحكومية، وخاصة المؤسسات الأمنية والاقتصادية.

وتحاول المبعوثة الأممية بالإنابة، ستيفاني خوري، منذ نحو أسبوع من خلال سلسلة لقاءات تجريها مع الفاعلين في المشهد السياسي، إحياء العملية السياسية بهدف الوصول بالبلاد إلى انتخابات دون إقصاء وتفضي إلى استقرار الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي.

Shares: