قال موقع العربي الجديد إن توقف نظام الدفع الإلكتروني التابع لشركة معاملات، المشغل الحصري لمنظومة الدفع عبر المصارف التجارية في ليبيا، بشكل مفاجئ الأحد الماضي، أدى إلى شلل مؤقت في حركة التعاملات اليومية وأثار مخاوف واسعة بشأن استقرار البنية التحتية المالية في البلاد.
وأضاف الموقع الممول من قطر وخلال اجتماع طارئ عقده محافظ مصرف ليبيا المركزي، ناجي عيسى، مع إدارة شركة معاملات والإدارة التنفيذية للمصرف، أكد أن النظام الموزع الوطني يشكل العمود الفقري لخدمات الدفع الإلكتروني.
وأوضح أن عيسى شدد خلال الاجتماع على ضرورة ضمان استمراريته دون أي خلل، لافتا إلى أن أي انقطاع يؤثر مباشرة على ثقة المواطنين والتجار في النظام المالي.
ويرى الموقع أن السوق الليبية تواجه تحديات مزدوجة، إذ يشترط أغلب التجار التعامل النقدي المباشر لتغطية تكاليفهم بالدولار، في وقت تفرض الحكومة المكلفة من مجلس النواب استخدام وسائل الدفع الإلكتروني على أصحاب المحال التجارية تحت طائلة الإغلاق.
وأشار العربي الجديد إلى أن المواطنين عبروا عن استيائهم من الانقطاع المفاجئ، حيث يقول عبد السلام العروسي للموقع: “إن النظام توقف فجأة واضطررت للعودة إلى المنزل لجلب النقدية، هذه الانقطاعات تجعلنا نفقد الثقة في الدفع الإلكتروني”.
الموقع لفت إلى تصريحات نجاة الصيد، صاحبة صيدلية في طرابلس: “أن التحول إلى الدفع الإلكتروني ضروري، لكن تطبيقه يجب أن يكون تدريجيا ومدعوما ببنية تقنية قوية”، أما التاجر إبراهيم الجبالي، فقال: “الانقطاع يضر بأعمالنا ويجبرنا على العودة للتعامل النقدي لتجنب خسارة الزبائن”.
وقال المحلل الاقتصادي، محمد معيوف، إن نجاح خطط المصرف المركزي لتوسيع خدمات الدفع الإلكتروني مرتبط بقدرة الشركات على تأمين خدمات مستقرة دون انقطاع، مع ضرورة تنسيق أوثق بين المصرف المركزي والمصارف التجارية وشركات الدفع الإلكتروني.
وأضاف معيوف في تصريحات نقلها “العربي الجديد” أن ذلك يحتاج إلى إصلاحات تشريعية وتنظيمية تعزز الثقة في النظام المالي وتضمن انسيابية التعاملات في ظل الاضطرابات الاقتصادية المتكررة.
وأوضح أن الانقطاع الأخير في نظام “معاملات” يعكس استمرار التحديات التقنية والتنظيمية في القطاع المصرفي الليبي، لافتا إلى أن أي خطة لتحويل الاقتصاد نحو التعاملات الرقمية تتطلب استقرارا فنيا وقانونيا طويل الأمد قبل أن يلمس المواطنون والفواعل الاقتصادية فوائدها الفعلية.
ويقول المحلل المالي عبد الناصر الميلودي إن ما حدث ليس مجرد خلل تقني عابر، بل مؤشر على هشاشة البنية المالية وغياب الاستقرار المؤسسي في ليبيا.
وأضاف في تصريح نقله “العربي الجديد”، أن المواطنين والتجار يدفعون ثمن هذا الانقطاع مباشرة، إذ تتزايد الضغوط المعيشية ويزداد اعتماد السوق على النقد.
وأوضح أن النجاح في التحول نحو الدفع الإلكتروني لا يقتصر على التقنية فقط، بل يحتاج إلى ثقة المواطنين والتجار، وبنية تنظيمية واضحة، ودعم مستمر من الدولة.
ويخلص الميلودي إلى أن ليبيا أمام فرصة لإصلاح النظام المالي، لكنها محفوفة بالتحديات، مؤكدا أن كل خطوة نحو الدفع الإلكتروني المستدام تتطلب توازنا بين السياسة والتقنية والقدرة الشرائية للمواطن، لضمان أن تصبح هذه المنظومة أداة للنمو والاستقرار لا عبئا إضافيا على الاقتصاد والمجتمع.
وفي المقابل، أظهرت بيانات مصرف ليبيا المركزي طفرة لافتة في استخدام خدمات الدفع والتحويل الإلكتروني خلال الفترة الماضية، في بلد يعاني منذ سنوات من نقص السيولة النقدية وتذبذب أسعار الصرف.
وعلى صعيد التحويلات الفورية (LYPAY وONEPAY)، قفز عدد المشتركين الأفراد إلى 5.7 ملايين مشترك، فيما بلغ عدد المشتركين من التجار أكثر من 131 ألفا، وسجلت الخدمة 5.5 ملايين عملية تحويل مالي بقيمة إجمالية قاربت 36 مليار دينار ليبي.
كما ارتفع عدد مستخدمي تطبيقات المصارف إلى 3.49 ملايين مشترك، نفذوا أكثر من 111 مليون عملية إلكترونية بقيمة 188.2 مليار دينار، أما المحافظ الإلكترونية فقد بلغت 177 ألف محفظة مدعومة بـ 5893 نقطة قبول، مع تنفيذ نحو نصف مليون عملية بقيمة إجمالية وصلت إلى 68 مليون دينار، علما أن سعر الصرف يبلغ 5.5 دنانير للدولار الواحد.


