أكد تقرير صادر عن المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات، أن ليبيا لا تزال غارقة في فوضى سياسية وأمنية ممتدة منذ عام 2011، ما جعلها بيئة ملائمة لانتشار التنظيمات المتطرفة وتحولها إلى مركز إقليمي لعمليات الإرهاب والتهريب.

وأوضح المركز في تقريره، أن هشاشة الوضع الأمني، وغياب سلطة موحدة، دفع الجماعات المسلحة لملء الفراغ، واتخاذ الأراضي الليبية مقرًا ومنطلقًا لعملياتها، سواء داخل البلاد أو نحو دول الجوار في شمال إفريقيا ومنطقة الساحل.

وأشار التقرير إلى أن ليبيا احتلت المرتبة 53 عالميًا في مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2025، مع تصاعد ملحوظ في نشاط الجماعات الإرهابية، خاصة في الجنوب الليبي.

وشدد التقرير على أنه برغم الضربات التي تلقتها في مناطق مثل فزان، لا تزال تنظيمات كداعش والقاعدة تحتفظ بوجود نشط، مستفيدة من الانقسامات السياسية والتردي الاقتصادي، إلى جانب تعاونها مع بعض القبائل المتورطة في عمليات التهريب، مما يوفر لها تمويلًا مستمرًا وفرصًا للتجنيد.

وأكد المركز أن تنظيم داعش في ليبيا، ورغم ضعفه مقارنة بالعقد الماضي، لا يزال يركز على الجوانب اللوجستية مثل تهريب السلاح والمخدرات، واستغلال مناجم الذهب، فضلًا عن نقل المقاتلين إلى منطقة الساحل، بحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي في فبراير 2025.

كما سلط التقرير الضوء على جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، التي تأسست عام 2017 من اندماج أربعة تنظيمات إرهابية، وتتخذ من جنوب غرب ليبيا قاعدة لعملياتها العابرة نحو مالي ودول الساحل.

التقرير أشار إلى أنه لا تزال خلايا أنصار الشريعة، رغم إعلان حل الجماعة عام 2017، نشطة في الجنوب، مدعومة بتدفقات المقاتلين الأجانب عبر الحدود.

التقرير لفت لمجلس شورى ثوار بنغازي ومجلس شورى مجاهدي درنة، فكلاهما لا يزال يحتفظ ببعض النشاط الميداني رغم الإعلان عن حلهما، خاصة الأول الذي يضم عناصر من تنظيمي القاعدة وداعش، والثاني الذي نشأ عام 2014 واستمر بالسيطرة على درنة حتى عام 2018.

التقرير شدد على أن الاستخبارات الأمريكية قدّرت أن عناصر داعش المتبقين في ليبيا لا يزالون بالمئات، موزعين في مناطق مختلفة، ويشكلون تهديدًا دائمًا للأمن المحلي والإقليمي.

وحذر التقرير من أن تصاعد نفوذ الجماعات المتطرفة في ليبيا وتونس لا يقتصر على تهديد دول الجوار، بل يمتد أثره إلى الأمن الأوروبي، لا سيما في ظل تورط هذه الجماعات في شبكات الهجرة غير الشرعية وتهريب البشر والمخدرات عبر الساحل والصحراء باتجاه أوروبا.

وتصدّرت ليبيا دول الانطلاق نحو إيطاليا في عام 2025، حيث وصل أكثر من 41,484 مهاجرًا من شواطئها، أي ما يزيد عن 40% من المهاجرين عبر المتوسط، بحسب الإحصاءات الأوروبية.

وحذر تقرير اليوروبول من أن الخطر لا يكمن فقط في تدفقات الهجرة، بل في إمكانية تسلل متطرفين عبرها إلى أوروبا لتنفيذ هجمات أو نشر الفكر المتطرف، إلى جانب استغلال التنظيمات مثل داعش للمهاجرين كمصدر تمويل ودعاية.

وخلص المركز الأوروبي إلى أن ليبيا لا تزال تمثل بؤرة توتر أمني خطير، تهدد استقرار شمال إفريقيا وأمن أوروبا، مؤكدًا أن التعامل مع هذه الأزمة يتطلب مقاربة إقليمية ودولية منسقة، لا تقتصر على مواجهة التنظيمات داخل ليبيا، بل تمتد إلى تفكيك الشبكات العابرة للحدود التي تمثل العمود الفقري للتهديد.

Shares: