منذ الانقسام السياسي، وجد المصرف المركزي نفسه في وضع معقد للغاية. فرغم محاولات التوحيد الشكلية، يعمل المصرف تحت ظل حكومتين متوازيتين، لكل منهما متطلبات إنفاق مختلفة وأجندات مالية متباينة. هذا الواقع خلق تحديات هيكلية عميقة في إدارة السياسة النقدية والمالية.

تكمن المعضلة الرئيسية في غياب إطار موحد للميزانية، مما يجعل ضبط الإنفاق العام أمراً شبه مستحيل. يقدم المصرف المركزي تسهيلات مالية لكلتا الحكومتين دون وجود آلية رقابة فعالة، مما يؤدي إلى تمدد غير مسبوق في عرض النقود يتجاوز القدرة الاستيعابية للاقتصاد الليبي.

صرح الخبير الاقتصادي سليمان الشحومي، أن المصرف المركزي الليبي يواجه أزمة هيكلية غير مسبوقة، مؤكداً أن الوضع النقدي والمالي بات في غاية التعقيد.

أكد الشحومي، في تصريحات صحفية، أن مسألة التوحيد النقدي والمصرفي لا تزال تراوح مكانها، مشيراً بوضوح إلى أن الجهود المبذولة لم تثمر عن أي نتائج ملموسة يمكن رصدها في الحسابات الرئيسية للمصرف المركزي.

لفت الخبير الاقتصادي إلى أن المصرف المركزي وجد نفسه أمام واقع صعب: وجود حكومتين لكل منهما ترتيباتها ومتطلباتها الخاصة للإنفاق الحكومي، مما يخلق تحديات جوهرية في إدارة السياسة النقدية.

أشار الشحومي بحزم إلى أنه في غياب إطار عام موحد للميزانية، يستحيل:

– ضبط الإنفاق العام

– تعزيز الرقابة على المالية العامة

– الحد من توسع حجم النقود بما يتناسب مع القدرة الاستيعابية للاقتصاد الليبي

أكد أن المصرف المركزي قدم تسهيلات مالية لكلتا الحكومتين في غياب أي إطار تنظيمي واضح، مما زاد من تعقيد الوضع المالي.

لفت الشحومي إلى أن الاجتماعات الدولية برعاية أمريكية لم تنتج أي حلول ملموسة. كان التركيز الأساسي على إدارة النقد الأجنبي، لكن هذه الإدارة ظلت بعيدة المنال.

أكد الخبير أن المعضلة تكمن في:

– ضبط الإيرادات
– انسيابية التدفقات المالية
– غياب الشفافية في إدارة إيرادات النفط والغاز
– ضياع خيوط التنسيق بين المؤسسات المالية الرئيسية

 

أشار الشحومي إلى أن إقرار ميزانية شكلية قد يساعد المصرف في:
– ضبط الإنفاق العام
– تحديد القدرة على الاستجابة
– مواجهة تمدد عرض النقود

لكنه حذر من أن هذه الإجراءات لن تكون كافية في ظل:
– رغبة الحكومتين المتزايدة في الإنفاق بدون قيود
– الوضع المالي الملائم للجميع

أكد أن الدفع بتقليص عرض النقود يبدو غير واقعي بسبب:
– حالة الاشتباك المالي
– تعطل أدوات إدارة السياسة النقدية
– غياب التنسيق مع الحكومات

لفت الشحومي إلى وجود استنفار في السوق الموازية، مع قدرة عالية للمضاربين على التعامل مع أدوات المصرف المركزي في عرض النقد الأجنبي.

أكد الخبير الاقتصادي أن المصرف المركزي أصبح بين المطرقة والسندان، فاقداً تدريجياً:
– القدرة على تحقيق الاستدامة
– فعالية إدارة السياسة النقدية
– المساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي

وختم الشحومي بتحذير صريح: “القبول بأنصاف الحلول لن يعيد التوازن ولن يبني اقتصاداً مستداماً.”

Shares: