كشفت منظمة “إس أو إس هيومانيتي” الألمانية غير الحكومية عن وجود مقابر جماعية لمهاجرين في ليبيا، مما أثار صدمة دولية حول ظروف وفاة هؤلاء الضحايا في عمق الصحراء الليبية.

وأكدت المنظمة الدولية للهجرة عن صدمتها وقلقها بعد اكتشاف مقبرتين جماعيتين في ليبيا تحتويان على جثث لعشرات المهاجرين، بعضهم مصاب بطلقات نارية، معتبرةً أن هذا الاكتشاف يعد “تذكيرًا مأساويًا” بالمخاطر التي يواجهها المهاجرون أثناء محاولاتهم القيام بـ”رحلات محفوفة بالمخاطر”.

وأوضحت السلطات الليبية، عبر رئيس جهاز مكافحة الهجرة بالكفرة محمد الفضيل، أن “عدد الضحايا وصل إلى 79 حتى الآن، حيث تم العثور على 62 جثة في مقابر شمال شرق الكفرة في الصحراء”.

ومن خلال تشريح عشرين جثة من الذكور، تبين أن أعمارهم تتراوح بين 19 و40 عامًا.

وأشار فرانس بروتش، منسق برنامج الهجرة وحوكمة الحدود في المنظمة الدولية للهجرة، إلى أن الجثث التي عُثر عليها في منطقة أجخرة أظهرت آثار إصابات، من بينها جروح ناجمة عن طلقات نارية، مما يرجح فرضية تعرضهم للقتل من قبل عصابات الاتجار بالبشر.

وفي شهادة حية لأحد الناجين، يروي سامي (اسم مستعار) المأساة التي عاشها قائلاً: “استغرقت الرحلة من مليط أربعة أيام، حيث كنا أكثر من ثلاثين شخصًا في عربة واحدة تُسمى التندرا، كالأعواد في علبة.

كانت تكلفة الرحلة 300 جنيه سوداني. قضينا أربعة أيام في الصحراء حتى وصلنا إلى مليط، ثم تابعنا الرحلة إلى الزرق لمدة ثلاثة أيام أخرى.”

وأضاف: “لم نتوقف طوال الرحلة، وكان الماء ينفد بسرعة؛ كنا نكتفي بوجبة واحدة في اليوم، والماء بالكاد يكفي لترطيب الحلق… على الطريق، شاهدنا العديد من العربات المعطلة في الصحراء، لكننا لم نرَ أحدًا بالقرب منها.”

وأكد إبراهيم بالحسن، مدير جهاز الإسعاف والطوارئ في الكفرة، أن “المهربين يمارسون تعذيبًا وحشيًا ضد المهاجرين، سواء كانوا رجالًا أو نساء، بهدف الحصول على المال من عائلاتهم”.

واوضح أن “هذه الممارسات القاسية تتضمن إرسال مقاطع وصور توثق التعذيب لتهديد عائلات الضحايا ودفعهم لدفع الأموال.”

وفي السياق ذاته، أوضحت أميرة أحمد، أستاذة علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في الجامعة الأمريكية، أن “الأوضاع التي يتعرض لها اللاجئون الأفارقة في ليبيا مؤلمة للغاية. تشمل هذه الأوضاع المعاملة القاسية، الاحتجاز، العبودية، وأشد أشكال الاستغلال التي تشبه أسواق النخاسة.”

وأفاد محمد الفضيل، رئيس جهاز مكافحة الهجرة، بأن “عدد اللاجئين القادمين إلى ليبيا قد انخفض بنسبة 80% منذ بدء العمليات العسكرية في سبتمبر من العام الماضي”.

واشار إلى أن “الجيش والشرطة تمكنوا من تحرير أكثر من عشرة آلاف لاجئ، بالإضافة إلى القبض على العديد من المهربين في المزارع والمنازل.”

ومن جانبه، يسعى مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة إلى القضاء على جرائم الاتجار بالبشر من خلال تفكيك الشبكات الإجرامية المتورطة في تجارة البشر، كما يعمل على إدانة الجناة الرئيسيين.

لكن تقرير مركز “ديفندر” ذكر أن “المجتمع الدولي والأمم المتحدة فشلا في معالجة الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان في ليبيا”، مشيراً إلى أن “تقرير بعثة تقصي الحقائق حول الانتهاكات الجسيمة لم يُترجم إلى إجراءات ملموسة، مما أدى إلى استمرار الإفلات من العقاب.”

Shares: