كشف جوناثان واينر المبعوث الأمريكي الخاص السابق إلى ليبيا في مقابلة خاصة مع وكالة أنباء “نوفا” الإيطالية، عن رؤيته للأزمة الراهنة في البلاد، مسلطاً الضوء على أهمية الدبلوماسية السرية في معالجة التوترات الحالية.
واينر وصف أزمة المصرف المركزي الليبي بأنها “خبر سيء للجميع”، محذراً من تداعياتها الوخيمة على الاقتصاد الليبي والاستقرار الإقليمي.
وأوضح أن توقف عمل المصرف المركزي بسبب النزاع على السيطرة عليه سيكون له تأثير فوري ومتزايد على حياة الليبيين اليومية، خاصة وأن العديد من احتياجاتهم الأساسية تعتمد على الواردات المدفوعة بخطابات الاعتماد بالعملة الأجنبية.
وأضاف واينر: “هذه الخطابات تستخدم لشراء السلع الأجنبية مثل الغذاء وزيت الطهي والوقود. قد يؤدي النزاع السياسي على المصرف المركزي إلى زعزعة استقرار البلاد بشكل أكبر وزيادة خطر اندلاع صراعات مسلحة جديدة وتفاقم الفساد واستنزاف خزينة ليبيا”.
وفيما يتعلق بالتداعيات الدولية، أشار واينر إلى أن “انهيار الاقتصاد الليبي ليس سوى خبر سيء للمجتمع الدولي”، موضحاً أن أزمة المصرف المركزي قد تسببت بالفعل في ارتفاع أسعار النفط عالمياً عقب تعليق إنتاجه.
كما حذر من مخاطر عدم الاستقرار وتعزيز نفوذ الميليشيات الإجرامية.
وشدد واينر على أهمية الدبلوماسية السرية في إدارة الأزمة الليبية، قائلاً إن الجهود الدبلوماسية لتحقيق الاستقرار في ليبيا تكون أكثر فعالية عندما تتم بشكل سري من خلال الاتصالات المباشرة مع أصحاب المصلحة الليبيين، بدلاً من التصريحات العلنية عبر وسائل الإعلام.
وأوضح أن هذا النوع من الدبلوماسية يتم تنفيذه من قبل دول غربية مثل الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى جهود دبلوماسية إقليمية تشمل مصر وتركيا. وأكد على دعم واشنطن الكامل لموقف الأمم المتحدة تجاه أزمة المصرف المركزي.
وفي إشارة إلى الوضع السياسي في ليبيا، لفت واينر إلى مرور عقد من الزمان منذ آخر انتخابات في البلاد، مؤكداً على محدودية شرعية القيادة الحالية. وأضاف: “لو كنت لا أزال منخرطاً بالأمر لسعيت إلى المضي باتجاه الخيار الانتخابي”.
واقترح واينر استكشاف إمكانية استخدام أدوات تنظيمية أو إنفاذية أمريكية ضد من يعرقلون التقدم نحو تمكين الشعب الليبي من اختيار قادته.
كما دعا إلى البحث عن حلول شاملة تجمع الليبيين حول قضية مشتركة للتقدم.
وأكد واينر أن المسؤولية النهائية تقع على عاتق الليبيين أنفسهم في إيجاد مسار لبناء حكومة شاملة وفعالة، مشيراً إلى أن ثروة الموارد الطبيعية في البلاد تجعل ذلك ممكناً من خلال التوزيع العادل على المستويات الوطنية والمحلية والفردية.
وفي ختام حديثه، نفى واينر وجود أي دليل على تورط الصين في الأزمة الحالية، مؤكداً أن الوضع نابع من صراعات مصالح داخلية بين الليبيين وليس من تصرفات أي طرف أجنبي بعينه.